نعيم الغامديّ وسلْم بن أحْوز، فدعا نصرٌ إلى الجماعة، فقال للكرْمانيّ: أنت أسعدُ الناس بذلك؛ فوقع بين سَلْم بن أحوْزَ والمقدام كلام؛ فأغلظ له سَلْم، فأعانه عليه أخوه، وغضِب لهما السُّغديّ بن عبد الرحمن الحزْميّ، فقال سلْم: لقد هممتُ أن أضربَ أنفك بالسيف، فقال السُّغديّ: لو مسستَ السَّيْف لم ترجع إليك يدُك، فخاف الكرماني أن يكون مكرًا من نصْر، فقام وتعلقوا به، فلم يجلس، وعاد إلى باب المقصورة.
قال: فتلقّوْه بفرسه، فركب في المسجد، وقال نصر: أراد الغدر بي، وأرسل الحارث إلى نصر: إنا لا نرضى بك إمامًا، فأرسل إليه نصر: كيف يكون لك عقل، وقد أفنيتَ عمرك في أرض الشرْك وغزوتَ المسلمين بالمشركين!
أتراني أتضرَّع إليك أكثر مما تضرَّعت! قال: فأسِر يومئذ جَهْم بن صفوان صاحب الجَهميّة، فقال لسلم: إن لي ولْثًا من ابنك حارث؛ قال: ما كان ينبغي له أن يفعل؛ ولو فعل ما آمنتك، ولو ملأت هذه الملاءة كواكبَ، وأبرأك إليّ عيسى ابن مريم ما نجوتَ؛ والله لو كنتَ في بطني لشققتُ بطني حتى أقتلَك؛ والله لا يقوم علينا مع اليمانية أكثر مما قمتَ؛ وأمر عبد ربّه بن سِيَسن فقتله، فقال الناس: قتِل أبو محِرز - وكان جَهْم يكنى أبا محرز.
وأسِر يومئذ هبيرة بن شراحيل وعبد الله بن مجّاعة فقال: لا أبقى الله من استبقاكما؛ وإن كنتما من تميم. ويقال: بل قُتل هبيرة، لحقَتْهُ الخيل عند دار قدَيد بن منيع فقتِل، قال: ولما هَزم نصر الحارثَ، بعث الحارث ابنَه حاتمًا إلى الكرمانيّ، فقال له محمد بن المثنّى: هما عدوّاك، دعهما يضطربان؛ فبعث الكرمانيّ السُّغديّ بن عبد الرحمن الحزْميّ معه، فدخل السُّغديّ المدينة من ناحية باب ميخان، فأتاه الحارث، فدخل فازة (١) الكِرْمانيّ، ومع الكِرْمانيّ داود بن شعيب الجدّانيّ ومحمد بن المثنى، فأقيمت الصلاة، فصلى بهم الكرمانيّ، ثم ركب الحارث، فسار معه جماعة بن محمد بن عزيز أبو خلف، فلمّا كان الغد سار الكِرمانيّ إلى باب ميدان يزيد، فقاتل أصحابَ نصر، فقتِل سعد بن سَلْم المراغيّ، وأخذوا عَلم عثمان بن الكرمانيّ؛ فأوّل من أتى الكرمانيّ