للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو جعفر: وأما أبو الخطاب فإنه قال: كان مقدم أبي مسلم أرض مَرْو منصرفًا من قومِس، وقد أنفذ من قُومِس قحطبة بن شبيب بالأموال التي كانت معه والعروض إلى الإمام إبراهيم بن محمد، وانصرف إلى مَرْو، فقدمها في شعبان سنة تسع وعشرين ومئة لتسع خلوْن منه يوم الثلاثاء، فنزل قرية تدعى فنين على أبي الحكم عيسى بن أعين النّقيب، وهي قرية أبي داود النقيب، فوجّه منها أبا داود ومعه عمرو بن أعين إلى طخارستان فما دون بلْخ بإظهار الدّعوة في شهر رمضان من عامهم، ووجّه النّضر بن صبيح التميميّ ومعه شريك بن غضيّ التميميّ إلى مَرْوالرّوذ بإظهار الدّعوة في شهر رمضان، ووجّه أبا عاصم عبد الرحمن بن سليم إلى الطالقان، ووجه أبا الجهم بن عطيّة إلى العلاء بن حريث بخوارزم بإظهار الدّعوة في شهر رمضان لخمس بقين من الشهر، فإن أعجلهم عدوّهم دون الوقت، فعرض لهم بالأذى والمكروه فقد حل لهم أن يدفعوا عن أنفسهم، وأن يُظهِروا السيوف ويجرّدوها من أغمادها، ويجاهدوا أعداء الله ومَنْ شغلهم عدوّهم عَن الوقت فلا حرج عليهم أن يظهروا بعد الوقت.

ثم تحوّل أبو مسلم عن منزل أبي الحكم عيسى بن أعين، فنزل على سليمان بن كثير الخُزاعيّ في قريته التي تدعى سَفيذنج من رُبع خرقان لليلتين خلتا من شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومئة؛ فلما كانت ليلة الخميس لخمس بقين من شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومئة اعتقدوا اللواء الذي بعث به الإمام إليه الذي يُدعى الظلّ، على رمح طوله أربعة عشر ذراعًا، وعقد الرّاية التي بعث بها الإمام التي تدعى السحاب على رمح طوله ثلاثة عشر ذراعًا، وهو يتلو: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: ٣٩]، ولبس السوّاد هو وسليمان بن كثير وإخوة سليمان ومواليه ومن كان أجاب الدعوة من أهل سفيذنج، منهم غيلان بن عبد الله الخُزاعيّ - وكان صهر سليمان على أخته أم عمرو بنت كثير - ومنهم حُمَيد بن رزين وأخوه عثمان بن رُزين، فأوقدوا النيران ليلتهم أجمع للشيعة من سكان ربع خرقان - وكانت العلامة بين الشيعة - فتجمعوا له حين أصبحوا مُغِذّين، وتأويل هذين الاسمين: الظلّ والسحاب، أن السحاب يطبّق الأرض؛ وكذلكَ دعوة بني العباس، وتأويل الظلّ أن الأرض لا تخلو من الظلّ أبدًا، وكذلك لا تخلو من خليفة عباسيّ أبد الدهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>