وقدم على أبي مسلم الدعاة من أهل مَرْو بمن أجاب الدعوة؛ وكان أوّل مَنْ قدم عليه أهل السقادم مع أبي الوضاح الهُرْمُزْفرّيّ عيسى بن شُبيل في تسعمئة رجل وأربعة فرسان، ومن أهل هُرْمُزفرّة سليمان بن حسان وأخوه يزدان بن حسان والهيثم بن يزيد بن كيسان، وبُويع مولى نصر بن معاوية وأبو خالد الحسن وجردي ومحمد بن علوان، وقدم أهل السقادم مع أبي القاسم محرز بن إبراهيم الجوبانيّ في ألف وثلثمئة راجل وستة عشر فارسًا، ومنهم من الدّعاة أبو العباس المرّوزيّ وخذام بن عمّار وحمزة بن زُنيم، فجعل أهل السقادم يكبّرون من ناحيتهم وأهل السقادم مع محرز بن إبراهيم يُجيبونهم بالتكبير؛ فلم يزالوا كذلك حتى دخلوا عسكر أبي مسلم بسفيذنج؛ وذلك يوم السبت من بعد ظهور أبي مسلم بيومين، وأمر أبو مسلم أن يُرَمّ حصن سفيذنج ويحصّن ويدرّب؛ فلما حضر العيد يوم الفطرْ بسفيذنج أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلي به وبالشيعة، ونصب له منبرًا في العسكر، وأمره أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة - وكانت بنو أميّة تبدأ بالخطبة والأذان، ثم الصلاة بالإقامة على صلاة يوم الجمعة فيخطبون على المنابر جلوسًا في الجمعة والأعياد - وأمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يكبّر الركعة الأولى ستّ تكبيرات تِباعًا، ثم يقرأ ويركع بالسابعة، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات تباعًا، ثم يقرأ ويركع بالسادسة، ويفتتح الخطبة بالتكبير ويختمها بالقرآن، وكانت بنو أمية تكبر في الرّكعة الأولى أربع تكبجرات يوم العيد وفي الثانية ثلاث تكبيرات (١) فلما قضى سليمان بن كثير الصلاة والخطبة انصرف أبو مُسلم والشيعة إلى طعام قد أعدّه لهم أبو مسلم الخراسانيّ، فطعموا مستبشرين، وكان أبو مسلم وهو في الخندق إذا كتب إلى نصر بن سيار يكتب: للأمير نصر؛ فلما قوي أبو مسلم بمن اجتمع إليه في خندقه من الشيعة بدأ بنفسه، فكتب: إلى نصر: أما بعد، فإن الله تبارك
(١) لم يرد في خبر صحيح ولا ضعيف أن بني أمية قد غيروا في عدد تكبيرات صلاة العيد، فهذا غير صحيح، والخبر هنا بلا إسناد. أما تقديم الخطبة، فقد حدث مرات قليلة دون أن يكون من الأمور المتكررة، والمعهودة. بل أنكرها الصحابة كأبي سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهما ولو كانت مستمرة في عهد الأمويين لغيرها عمر بن عبد العزيز، أو من بعده هشام فهما ممن قمع البدعة وأحيا السنة والله أعلم.