وكان دخول أبي مسلم الماخُوان منصرفًا عن آلين سنة ثلاثين ومئة، للنصف من صفر يوم الخميس، فأقام أبو مسلم في خَنْدقه بالماخُوان ثلاثة أشهر؛ تسعين يومًا، ثم دخل حائط مرْو يوم الخميس لتسع خلَوْن من جمادى الأولى سنة ثلاثين ومئة.
قال: وكان حائط مَرْو إذ ذاك في يد نصر بن سيّار لأنّه عامل خراسان، فأرسل على بن الكرمانيّ إلى أبي مسلم أن أدخل الحائط مَن قِبَلك، وأدخل أنا وعشيرتي من قِبَلي، فنغلب على الحائط، فأرسل إليه أبو مسلم أن لست آمَن أن يجتمع يدك ويد نصر على محاربتي؛ ولكن ادخل أنت فانشب الحرب بينك وبينه وبين أصحابه؛ فدخل عليّ ين الكرماني فأنشب الحرب، وبعث أبو مسلم أبا عليّ شبل بن طهمان النقيب في جُند، فدخلوا الحائط، فنزل في قصر بخاراخذاه، فبعثوا إلى أبي مسلم أن أدخل، فدخل أبو مسلم من خندق الماخُوان، وعلى مقدّمته أسيد بن عبد الله الخزاعيّ، وعلى ميمنته مالك بن الهيثم الخزاعيّ، وعلى ميسرته القاسم بن مجاشع التميميّ؛ حتى دخل الحائط؛ والفريقان يقتتلان، فأمرهما بالكفّ وهو يتلو من كتاب الله:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص: ٥] ومضي أبو مسلم حتى نزل قصر الإمارة بمرْو الذي كان ينزله عمال خُراسان؛ وكان ذلك لتسع خلوْن من جُمادى الأوتى سنة ثلاثين ومئة، يوم الخميس.
وهرب نصر بن سيّار عن مَرْو الغد من يوم الجمعة لعشرٍ خلْون من جُمادى الأولى من سنة ثلاثين ومئة، وصفت مَرْو لأبي مسلم، فلما دخل أبو مسلم حائط مَرْو أمر أبا منصور طلحة بن رُزيق بأخذ البيعة على الجند من الهاشميّة خاصّة - وكان أبو منصور رجلًا فصيحًا نبيلًا مفوّهًا عالمًا بحجج الهاشمية وغوامض أمورهم؛ وهو أحد النقباء الاثني عشر؛ والنقباء الاثنا عشر هم الذين اختارهم محمد بن عليّ من السبعين الذين كانوا استجابوا له حين بعث رسوله إلى خراسان سنة ثلاث ومئة أو أربع ومئة - وأمره أن يدعو إلى الرّضا، ولا يسمي أحدًا، ومثّل له مثالًا ووصف من العدل صفة، فقدمها فدعا سرًّا، فأجابه ناس، فلما صاروا سبعين أخذ منهم اثني عشر نقيبًا.
منهم من خُزاعة: سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم وزياد بن صالح