للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم أبو سلمة منعوه أن يدخل معه أحدٌ، فدخل وحده، فسلم بالخلافة على أبي العباس.

وخرج أبو العباس على بِرْذَوَن أبْلَق يوم الجمعة، فصلّى بالناس، فأخبرنا عَمارة مولى جبرئيل وأبو عبد الله السُّلميّ أن أبا سلمة لما سلَّم على أبي العباس بالخلافة، قال له أبو حُميد: على رَغم أنفك يا ماصّ بظر أمّه! فقال له أبو العباس: مَهْ! (١).

وذكر أنّ أبا العباس لما صعد المنبر حين بويع له بالخلافة، قام في أعلَاه، وصعد داود بن عليّ فقام دونه، فتكلم أبو العباس، فقال: الحمد لله الذي اصطفى الِإسلام لنفسه تكرمة، وشرَّفه وعظَّمه، واختاره لنا وأيّده لنا، وجعلنا أهله وكهْفه وحصنه والقوّام به، والذابين عنه والناصرين له، وألزمَنا كلمة التقوى، وجعلنا أحقّ بها وأهلها، وخصّنا برحمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرَابته، وأنشأنا من آبائه، وأنبتنا من شجرته، واشتقّنا من نَبْعته؛ جعله من أنفسنا عزيزًا عليه ما عَنِتْنَا، حريصًا علينا بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابًا يُتْلَى عليهم، فقال عزّ من قائل فيما أنزل من محكم القرآن: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (٢) وقال: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (٣) وقال: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٤) وقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} (٥) وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} (٦) فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودّتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمةً لنا، وفضلًا علينا، والله ذو الفضل العظيم.


(١) عمارة وصاحبه مجهولان وما الداعي لهذا الخبر الذي لا يقدم ولا يؤخر في الخبر شيئًا.
(٢) سورة الأحزاب: ٣٣.
(٣) سورة الشورى: ٢٣.
(٤) سورة الشعراء: ٢١٤.
(٥) سورة الحشر: ٧.
(٦) سورة الأنفال: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>