للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرسل إلى السَّكون أن احملوا، فقالوا: قل لغطفان فليحملوا، فقال لصاحب شُرَطه: انزل، فقال: لا والله ما كنتُ لأجعَل نفسي غَرضًا، قال: أما والله لأسموءنّك، قال: وددت والله أنك قدرت على ذلك، ثم انهزم أهل الشام، وانهزم مروان، وقطع الجسر؛ فكان من غرق يومئذ أكثر ممن قُتِل؛ فكان فيمن غرق يومئذ إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك المخلوع وأمر عبد الله بن عليّ فعقد الجِسْر على الزّاب، واستخرجوا الغرقَى فأخرجوا ثلاثمئة، فكان فيمن أخرجوا إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، فقال عبد الله بن عليّ: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (١).

وأقام عبد الله بن عليّ في عسكره سبعة أيام، فقال رجل من ولد سعيد بن العاص يعيّر مروان:

لَجَّ الفِرارُ بمروانٍ فقلتُ لَهُ ... عادَ الظلومُ ظَليمًا همُّه الهَرَبُ

أَين الفرارُ وتركُ المُلْكِ إذ ذهبت ... عنك الهُوَينَى فلا دين ولا حَسبُ

فراشَةُ الحِلم فِرْعَوْنُ العِقابِ وِإنْ ... تَطْلُبْ نَداهُ فكلبٌ دونه كَلِبُ

وكتب عبد الله بن عليّ إلى أمير المؤمنين أبي العباس بالفتح، وهرب مروان وحوى عسكر مروان بما فيه، فوجد فيه سلاحا كثيرًا وأموالا؛ ولم يجدوا فيه امرأةً إلا جارية كانت لعبد الله بن مروان؛ فلمّا أتى العباس كتابُ عبد الله بن عليّ صلى ركعتين، ثم قال: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} إلى قوله {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} (٢). وأمر من شهد الوقعة بخمسمئة خمسمئة، ورفع أرزاقهم إلى ثمانين.

حدثنا أحمد بن زهير، عن عليّ بن محمد، قال: قال عبد الرحمن بن أميّة: كان مَرْوان لما لقيه أهلُ خُراسان لا يدبّر شيئًا إلا كان فيه الخلل والفساد، قال: بلغني أنَّه كان يوم انهزم واقفًا، والناس يقتتلون؛ إذ أمَر بأموال فأخرِجت، وقال للناس: اصبروا وقاتلوا، فهذه الأموال لكم، فجعل ناسٌ من الناس يصيبون من ذلك المال، فأرسلوا إليه: إنَّ الناس قد مالوا على هذا المال، ولا نأمنهم أن


(١) سورة البقرة: ٥٠.
(٢) سورة البقرة: ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>