بمرضاته، وأنه قد كان في طاعتهم قبل أن يعرف أبا مسلم فقبِل منه وأمره بمثل ما أمر به أبا إسحاق من تفريق جند أبي مسلم.
وبعث أبو جعفر إلى عِدّة من قوّاد أبي مسلم بجوائز سنيّة، وأعطى جميع جنده حتى رضُوا، ورجع أصحابه وهم يقولون: بعنا مولانا بالدراهم، ثم دعا أبو جعفر بعد ذلك أبا إسحاق، فقال: أقسِم بالله لئن قطعوا طنُبًا من أطنابي لأضربنّ عنقك ثم لأجاهدنّهم، فخرج إليهم أبو إسحاق فقال: يا كلاب انصرِفوا.
قال عليّ: قال أبو حفص الأزديّ: لما قُتِل أبو مسلم كتب أبو جعفر إلى أبي نصر كتابًا عن لسان أبي مسلم يأمره بحمل ثقله وما خلّف عنده، وأن يقدم، وختم الكتاب بخاتم أبي مسلم، فلما رأى أبو نصر نقْش الخاتم تامًّا، علم أن أبا مسلم لم يكتب الكتاب، فقال: أفعلتموها! وانحدر إلى هَمذان وهو يريد خراسان، فكتب أبو جعفر لأبي نصر عهدَه على شهرزور، ووجَّه رسولًا إليه بالعهد، فأتاه حين مضى الرسول بالعهد أنه قد توجَّه إلى خراسان، فكتب إلى زهير بن التركيّ - وهو على همذان: إن مرّ بك أبو نصر فاحبِسْه، فسبق الكتاب إلى زهير وأبو نصر بهَمَذان، فأخذه فحبسه في القصْر، وكان زهير مولىً لخزاعة، فأشرف أبو نصر على إبراهيم بن عريف - وهو ابن أخي أبي نصر لأمه - فقال: يا إبراهيم، تقتل عمّك! قال: لا والله أبدًا، فأشرف زهير فقال لإبراهيم: إني مأمور والله، إنه من أعزّ الخلق عليّ؛ ولكني لا أستطيع ردّ أمر أمير المؤمنين، ووالله لئن رسى أحدكم بسهم لأرمينّ إليكم برأسه، ثم كتب أبو جعفر كتابًا آخر إلى زهير: إن كنت أخذتَ أبا نصر فاقتله.
وقدم صاحبُ العهد على أبي نصر بعده فخلّى زهير سبيله لهواه فيه؛ فخرج، ثم جاء بعد يوم الكتابُ إلى زهير بقتله، فقال: جاءني كتابٌ بعهده فخليتُ سبيله.
وقدم أبو نصر على أبي جعفر، فقال: أشرتَ على أبي مسلم بالمضيّ إلى خراسان؛ فقال: نعم يا أمير المؤمنين؛ كانت له عندي أيادٍ وصنائع فاستشارني فنصحتُ له، وأنت يا أمير المؤمنين إن اصطنعتَني نصحتُ لك وشكرتُ فعفا عنه؛ فلما كان يوم الراونديّة قام أبو نصر على باب القصر، وقال: أنا اليوم