البوّاب، لا يدخل أحد القصر وأنا حيٌّ، فقال أبو جعفر: أين مالك بن هيثم؟ فأخبروه عنه، فرأى أنه قد نصح له.
وقيل: إن أبا نصر مالك بن الهيثم لما مضى إلى همذان كتب أبو جعفر إلى زهير بن التركيّ: إنّ لله دمك إن فاتك مَالِكٌ؛ فأتى زهير مالكًا، فقال له: إني قد صنعتُ لك طعامًا، فلو أكرمتَني بدخول منزلي! فقال: نعم، وهيّأ زهير أربعين رجلًا تخيَّرهم، فجعلهم في بيتين يُفضيان إلى المجلس الذي هيأه، فلما دخل مالك قال: يا أدهم، عجّل طعامك؛ فخرج أولئك الأربعون إلى مالك، فشدّوه وثاقًا، ووضع في رجليه القيود، وبعث به إلى المنصور فمنّ عليه وصفح عنه واستعمله على الموصل.
* * *
وفي هذه السنة ولّى أبو جعفر المنصور أبا داود خالد بن إبراهيم خراسان وكتب إليه بعهده. [٧/ ٤٨٩ - ٤٩٤].
* ذكر الخبر عن سنباذ:
ذُكر أن سنباذ هذا كان مجوسيًّا، من أهل قرية من قُرى نيسابور يقال لها أهن، وأنه كثر أتباعُه لما ظهر؛ وكان خروجه غضبًا لقتل أبي مسلم - فيما قيل - وطلبًا بثأره، وذلك أنه كان من صنائعه، وغلَب حين خرج على نيسابور وقُومِس والرّيّ، وتسمَّى فيروز أصبهبذ. [٧/ ٤٩٥].
* * *
وفي هذه السنة خرج لملبَّد بن حرملة الشيبانيّ، فحكم بناحية الجزيرة، فسارت إليه روابط الجزيرة؛ وهم يومئذ فيما قيل ألف، فقاتلهم ملبَّد فهزمهم، وقَتَل مَنْ قتل منهم، ثم سارت إليه روابط الموصل فهزمهم، ثم سار إليه يزيد بن حاتم المهلبيّ، فهزمه ملبَّد بعد قتال شديد كان بينهما؛ وأخذ ملبَّد جارية ليزيد كان يطؤها، وقتل قائدًا من قوّاده، ثم وجّه إليه أبو جعفر مولاه المهلهل بن صفوان في ألفين من نُخبة الجند، فهزمهم ملبّد، واستباح عسكرهم.
ثم وجّه إليه نزارًا (قائدًا من قوّاد أهل خراسان) فقتله ملبَّد، وهزم أصحابه، ثم وجه إليه زياد بن مشكان في جَمْع كثير، فلقيهم ملبَّد فهزمهم.