وعن عبدويه والعُطارديّ، ما أردتم أن تصنعوا بمكة؟ قال: أردنا كذا وكذا، قال: فما منعكم؟ قال: عبد الله بن حسن، قال: فطمره فلم ير حتى الساعة.
قال عمر: حدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثنا الحارث بن إسحاق، قال: جدّ أبو جعفر حين حبِس عبد الله في طلب ابنيه، فبعث عينًا له، وكتب معه كتابًا على ألسن الشيعة إلى محمد، يذكرون طاعتهم ومسارعتهم؛ وبعث معه بمال وألطاف، فقدم الرّجل المدينة، فدخل على عبد الله بن حسن، فسأله عن محمد، فذكر له أنه في جبل جُهينة، وقال: امرر بعليّ بن حسن، الرّجل الصالح الذي يدعى الأغرّ، وهو بذي الأبر، فهو يرشدك، فأتاه فأرشده، وكان لأبي جعفر كاتب على سرّه، كان متشَيعًا، فكتب إلى عبد الله بن حسن بأمر ذلك العيْن، وما بُعث له، فقدم الكتاب على عبد الله فارتاعوا، وبعتوا أبا هبّار إلى عليّ بن الحسن وإلى محمد، فيحذرهم الرجل؛ فخرج أبو هبّار حتى نزل بعليّ بن حسن، فسأله فأخبره أن قد أرشده إليه، قال أبو هبّار: فجئت محمدًا في موضعه الذي هو به، فإذا هو جالس في كَهْف، معه عبد الله بن عامر الأسلميَ وابنا شجاع وغيرهم، والرجل معهم أعلاهم صوتًا، وأشدّهم انبساطًا؛ فلما رأني ظهر عليه بعض النَّكَرة، وجلست مع القوم؛ فتحدّثت مليًّا، ثم أصغيت إلى محمد، فقلت: إنّ لي حاجةً، فنهض ونهضت معه، فأخبرته بخبر الرجل، فاسترجع، وقال: فما الرأي؟ فقلت: إحدى ثلاث أيها شئت فافعل؛ قال: وما هي؟ قلت: تَدَعني فأقتل الرجل، قال: ما أنا بمقارف دمًا إلّا مكرهًا، أو ماذا؟ قلت: توقرُه حديدًا وتنقله معك حيث انتقلت، قال: وهل بنا فراغ له مع الخوف والإعجال! أو ماذا؟ قلت: تشُدّه وتوثقه وتودعه بعض أهلِ ثقتك من جهينة؛ قال: هذه إذًا؛ فرجعنا وقد نَذِر الرجل فهرب، فقلت: أين الرجل؟ قالوا: قام بركْوة فاصطبّ ماء؛ ثم توارى بهذا الظَّرب يتوضَّأ، قال: فجُلنا في الجبل وما حوله؛ فكأنّ الأرض التأمت عليه، قال: وسعى على قدميه حتى شرع على الطريق، فمرّ به أعراب معهم حُمولة إلى المدينة، فقال لبعضهم: فرّغ هذه الغِرارة وأدخلنيها أكن عِدْلًا لصاحبتها ولك كذا وكذا، قال: نعم، ففرّغها وحمله حتى أقدمه بالمدينة، ثم قدم على أبي جعفر فأخبره الخبر كلَّه، وعميَ عن اسم أبي هبار وكنيته، وعلّق وبرًا، فكتب أبو جعفر في طلب وَبر المُزنيّ، فحُمل