للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه رجل منهم يدعَى وبرًا، فسأله عن قصّة محمد وما حكى له العين؛ فحلف أنه ما يعرف من ذلك شيئًا؛ فأمر به فضرِب سبعمئة سوط، وحُبس حتى مات أبو جعفر.

قال عمر: حدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثني الحارث بن إسحاق، قال: ألحّ أبو جعفر في طلب محمد، وكتب إلى زياد بن عبيد الله الحارثيّ يتنجّزه ما كان ضمِن له، فقدم محمد المدينة قدمةً، فبلغ ذلك زيادًا، فتلطّف له وأعطاه الأمان على أن يظهر وجهه للناس معه، فوعده ذلك محمد، فركب زياد مغلّسًا، ووعد محمدًا سوق الظهر، فالتقيا بها، ومحمد معلنٌ غير مختفٍ، ووقف زياد إلى جنبه، وقال: يا أيها الناس؛ هذا محمد بن عبد الله بن حسن، ثم أقبل عليه، فقال: الحقْ بأيّ بلاد الله شئت، وتوارى محمد، وتواترت الأخبار بذلك على أبي جعفر.

قال عمر: حدّثني عيسى بن عبد الله، قال: حدّثني من أصدق، قال: دخل إبراهيم بن عبد الله على زياد، وعليه دِرع حديد تحت ثوبه، فلمسها زياد، ثم قال: يا أبا إسحاق؛ كأنك اتّهمتَني! ذلك والله ما ينالك مني أبدًا (١).

قال عُمر: حدثني عيسى، قال: حدّثني أبي، قال: ركب زياد بمحمد؛ فأتى به السوق فتصايح أهل المدينة: المهديّ المهديّ! فتوارى فلم يظْهر؛ حتى خرج (٢).

قال عمر: حدّثني محمد بن يحيى، قاد: حدّثني الحارث بن إسحاق، قال: لمَّا أن تتابعت الأخبار على أبي جعفر بما فعل زياد بن عبيد الله، وجّه أبا الأزهر (رجلًا من أهل خُراسان) إلى المدينة، وكتب معه كتابًا، ودفع إليه كتبًا، وأمره ألّا يقرأ كتابه إليه حتى ينزل الأعوص، على بريد من المدينة، فلما أن نزله قرأه؛ فإذا فيه توليةُ عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله المدينة - وكان قاضيًا لزياد بن عبيد الله - وشدُّ زياد في الحديد، واصطفاء ماله، وقبضُ جميع ما وجد له،


(١) عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي - ذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٤٩٢) وقال يروي عن أبيه عن جده في حديثه بعض المناكير وانظر التاريخ الكبير (٣/ ٢/ ٣٩٠).
(٢) عبد الله بن محمد بن عمر وثقه الدارقطني وابن خلفون [البرقاني/ ٨٥] وقال ابن المديني ثقة (تهذيب الكمال/ ٣٥٣٤)، (إكمال/ ٢/ ٣٢٢) وأما ابنه عيسى فانظر الرواية السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>