للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغلولين، معهم العثمانيّ كأنه خُلق من فضّة، فأقعِدوا، فلم يلبثوا حتى خرج رجل من عند أبي جعفر، فقال: أين محمد بن عبد الله العثماني؟ فقام فدخل، فلم يلبث أن سمعنا وقْع السياط، فقال أيوب بن سلمة المخزوميّ لبنيه: يا بَنيّ؛ إني لأرى رجلًا ليس لأحد عنده هوادةٌ، فانظروا لأنفسكم؛ لا تسقطوا بشيء، قال: فأخرِج كأنه زنجيّ قد غيَّرت السياطُ لونَه، وأسالت دَمه، وأصاب سوط منها إحدى عينيْه فسالتْ، فأقعِد إلى جنب أخيه عبد الله بن حسن بن حسن، فعطش فاستسقى ماء، فقال عبد الله بن حسن: يا معشر الناس، مَنْ يسقي ابن رسول الله شربة ماء؟ فتحاماه الناس فما سقْوه حتى جاء خُراسانيّ بماء، فسلّه إليه فشرب، ثم لبثنا هُنيهةً، فخرج أبو جعفر في شقّ محمل، معادله الربيع في شقّه الأيمن، على بَغْلة شقراء، فناداه عبد الله: يا أبا جعفر، والله ما هكذا فعلناه بأسرائكم يوم بدر! قال: فأخسأه أبو جعفر؛ وتفل عليه، ومضى ولم يعرّج (١).

وذكر أن أبا جعفر لما دخل عليه محمد بن عبد الله العثماني سأله عن إبراهيم، فقال: ما لي به علْم، فدقّ أبو جعفر وجهه بالجرْز.

وذكر عمر عن محمد بن أبي حرب، قال: لم يزل أبو جعؤ جميلَ الرأي في محمد حتى قال له رياح: يا أمير المؤمنين، أمّا أهلُ خراسان فشيعتُك وأنصارك، وأما أهل العراق فشيعة آل أبي طالب، وأما أهل الشام فوالله ما عليّ عندهم إلا كافر، وما يعتدّون بأحد من ولده؛ ولكنّ أخاهم محمدُ بن عبد الله بن عمرو، ولو دعا أهل الشأم ما تخلف عنه منهم رجل، قال: فوقعت في نفس أبي جعفر، فلما حجّ دخل عليه محمد، فقال: يا محمد، أليس ابنتك تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن؟ قال: بلى؛ ولا عهد لي به إلا بمِنىً في سمنة كذا وكذا، قال:

فهل رأيتَ ابنتَك تختضِب وتمتشط؟ قال: نعم، قال: فهي إذًا زانية، قال: مَهْ يا أمير المؤمنين! أتقول هذا لابنة عمّك! قال: يابن اللخناء، قال: أيّ أمهاتي تلخّن! قال: يابن الفاعلة، ثم ضرب وجهه بالجرْز وحدده؛ وكانت رقية ابنة محمد تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن، ولها يقول:

خليليَّ من قَيْسٍ دَعا اللومَ واقعدا ... يَسُرُّكما ألَّا أَنامَ وتَرْقُدَا


(١) عبد الله بن عثمان لم يبيّن الطبري نسبه ولا لقبه ولا كنيته ولم ندر من هو وشيخه محمد بن هاشم بن البريد لم نجد له ترجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>