للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إني لقائم على رأس أبي جعفر، وهو مسائلي عن مخرج محمد، إذ بلغه أن عيسى قد هُزِم - وكان متّكئًا فجلس - فضرب بقضيب معه مصلّاه، وقال: كلا، فأين لعب صبياننا بها على المنابر ومشورة النساء! ما أنى لذلك بعدُ! .

قال: وحدّثني محمد بن الحسن، قال: حدّثني بعض أصحابنا، قال: أصاب أبا القلمّس نُشابة في ركبته، فبقيَ نصلها، فعالجها فأعياه، فقيل له: دعه حتى يقيح فيخرج، فتركه، فلما طُلب بعد الهزيمة لحق بالحَرّة، وأبطأ به ما أصاب ركبتَه، فلم يزل بالنّصل حتى استخرجه ثم جثا لركبتيه، ونكب كنانته (١)، فرماهم فتصدّعوا عنه، فلحق بأصحابه فنجا.

وحدثني محمد بن الحسن، قال: حدّثني عبد الله بن عمر بن القاسم، قال: لما انهزمنا يومئذ كنتُ في جماعة، فيهم أبو القلمّس، فالتفتّ إليه، فإذا هو مستغرب ضحكًا، قال: فقلت: والله ما هذا بموضع ضحك، وخفضتُ بصري؛ فإذا برجل من المنهزمة قد تقطع قميصُه، فلم يبق منه إلا جُرُبّانه (٢) وما يستر صدره إلى ثدييه، وإذا عورته بادية وهو لا يشعر؛ قال: فجعلت أضحك لضحك أبي القلمّس.

فحدثني عيسى، قال: حدّثني أبي، قال: لم يزل أبو القلمّس مختفيًا بالْفُرْع، وبقي زمانًا ثم عدا عليه عبدٌ له، فشدخ رأسه بصخْرة فقتله، ثم أتى أمّ ولد كانت له، فقال: إني قد قتلت سيِّدك فهلمِّي أتزوّجك؟ قالت: رويدًا أتصنّع لك، فأمهلها، فأتت السلطان فأخبرته، فأخذ العبدَ فشدخ رأسَه.

حدّثني محمود بن معمر بن أبي الشدائد، قال: أخبَرني أبي، قال: لما دخلتْ خيلُ عيسى من شِعْب بني فَزارة فقتِل محمد، اقتحم نَفِّر على أبي الشدائد فقتلوه، وأخذوا رأسه، فنادت ابنتُه الناعمة بنت أبي الشدائد: وارجالاه! فقال لها رجل من الجند: ومَنْ رجالك؟ قالت: بنو فَزارة قال: والله لو علمتُ ما دخلتُ بيتَك، فلا بأس عليك، أنا امرؤ من عشيرتك من باهلة؛ وأعطاها قطعة من عمامته فعلقتها على بابها، قال: وأُتِيَ عيسى برأسه، وعنده ابن أبي الكرام


(١) نكب كنانته: نثر ما فيها. القاموس ص ١٧٩.
(٢) جربان القميص: جيبه. اللسان ١/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>