أصبح محمد في مصرَعه، أرسلتْ أخته زينب بنت عبد الله وابنته فاطمة إلى عيسى: إنكم قد قتلتم هذا الرجل، وقضيتم منه حاجَتكم، فلو أذنتم لنا فواريناه! فأرسل إليهما: أما ما ذكرتما يا بنتيْ عمّي مما نيل منه فوالله ما أمرتُ ولا علمتُ؛ فوارِياه راشدتين، فبعثتا إليه فاحتُمل، فقيل: إنه حُشي في مقطع عنقه عديله قُطْنًا، ودفن بالبَقيع، وكان قبره وِجاه زقاق دار عليّ بن أبي طالب، شارعًا على الطريق أو قريبًا من ذلك؛ وبعث عيسى بألوية فُوضعَ على باب أسماء بنت حسن بن عبد الله واحدٌ، وعلى باب العباس بن عبد الله بن الحارث آخر، وعلى باب محمد بن عبد العزيز الزهريّ آخر، وعلى باب عبيد الله بن محمد بن صفوان آخر، وعلى باب دار أبي عمرو الغِفاريّ آخر، وصاح مناديه: مَنْ دخل تحت لواء منها، أو دخل دارًا من هذه الدور فهو آمن، ومطرت السماءُ مطرًا جَوْدًا، فأصبح الناس هادئين في أسواقهم؛ وجعل عيسى يختلف إلى المسجد من الجُرْف، فأقام بالمدينة أيامًا، ثم شخص صُبح تسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان يريد مكة.
حدّثني أزهر بن سعيد، قال: لما كان الغد من قتل محمد أذن عيسى في دفْنه، وأمر بأصحابه فصُلبوا ما بين ثنيّة الوَداع إلى دار عمر بن عبد العزيز.
قال أزهر: فرأيتُهم صفين؛ ووكل بخشبة ابن خُضير مَن يحرسها، فاحتمله قومٌ في الليل فواروْه، ولم يقدَرْ عليهم، وأقام الآخرون مصلّبين ثلاثًا، ثم تأذّى بهم الناس، فأمر عيسى بهم فألقوا على المفرح من سَلْع، وهي مقبرة اليهود، فلم يزالوا هنالك، ثم ألقُوا في خندق بأصل ذباب.
حدثني عيسى بن عبدالله قال: حدّثتني أمي أم حسين بنت عبد الله بن محمد بن عليّ بن حسين، قالت: قلت لعمّي جعفر بن محمد: إني - فديتُك - ما أمرُ محمد بن عبد الله [هذا] قال: فتنته يقتل فيها محمد عند بيت روميّ، ويقتل أخوه لأبيه وأمّه بالعراق وحوافر فرسه في ماء.
حدثني عيسى، عن أبيه، قال: خرج مع محمد حمزة بن عبد الله بن محمد بن عليّ - وكان عمه جعفر ينهاه؛ وكان من أشدّ الناس مع محمّد - قال: فكان جعفر يقول له: هو والله مقتول، قال: فتنحى جعفر.
حدّثني عيسى، قال: حدّثنا ابنُ أبي الكرام، قال: بعثني عيسى برأس