للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد، وبعث معي مئة من الجند، قال: فجئنا حتى إذا أشرفنا على النّجَف كبّرنا - قال: وعامر بن إسماعيل يومئذ بواسط محاصِر هارون بن سعد العِجلّي - فقال أبو جعفر للربيع: ويحك! ما هذا التكبير! قال: هذا ابن أبي الكرام، جاء برأس محمد بن عبد الله، قال: ائذن له ولعشرة ممّن معه، قال: فأذِن لي، فوضعتُ الرأس بين يديه في ترس، فقال: من قُتل معه من أهل بيته؟ قلتُ: لا والله ولا إنسان، قال: سبحان الله! هو ذاك، قال: فرفع رأسَه إلى الربيع، فقال: ما أخبرنا صاحبه الذي كان قبله؟ قال الربيع: زعم أنه قتِل منهم عدد كثير، قلت: لا والله ولا واحد.

حدثني عليّ بن إسماعيل بن صالح بن ميثم، قال: لما قدِم برأس محمد على أبي جعفر وهو بالكوفة، أمر به فطيِف في طَبق أبيض، فرأيته آدم أرْقَط، فلما أمسى من يومه بعث به إلى الآفاق.

وحدثني عبد الله بن عمر بن حبيب من أهل يَنْبعُ، قال: لما أُتِيَ أبو جعفر برؤوس بني شجاع، قال: هكذا فليكن الناس، طلبتُ محمدًا فاشتمل هؤلاء عليه، ثم نقلوه وانتقلوا معه، ثم قاتلوا معه فصبروا حتى قتلوا.

قال عمر: أنشدني عيسى بن إبراهيم وإبراهيم بن مصعب بن عُمارة بن حمزة بن مصعب، ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسن بن زَبالة وغيرهم لعبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير يرثي محمدًا:

تبكي مُدلّه أن تقنَّص حَبْلَهُمْ ... عِيسى وأَقصَدَ صائبًا عثمانا

هَلا على المَهْديّ وابنَيْ مُصْعَبٍ ... أَذرَيْتَ دَمْعَك ساكبًا تَهتانا!

ولفَقْدِ إبراهيمَ حينَ تصدَّعَت ... عنه الجمُوعُ فَواجَهَ الأَقرانا

سالَتْ دمُوعك ضَلَّةً قَدْ هِجْتَ لي ... بُرَحاءَ وَجْدٍ تَبْعَثُ الأَحزَانا

والله ما وَلَدَ الحواضنُ مثلَهم ... أَمْضَى وأَرفَعَ مَحْتِدًا ومكانا

وأَشَدَّ ناهِضَةً وأقوَلَ لِلَّتي ... تَنْفِي مصادرُ عَدْلها البهتانا

فهناك لو فَقَّأْتَ غير مُشَوَّهٍ ... عَيْنَيْك من جزع عذرتَ علانا

رُزْءٌ لَعَمْرُكَ لو يُصابُ بمثله ... مِبْطانُ صدَّع رُزْؤه مبْطانا

وقال ابن مصعب:

يا صاحبَيَّ دَعَا المَلامة واعْلما ... أن لسْتُ في هذا بأَلْوَم منكما

<<  <  ج: ص:  >  >>