للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسالح من الجُند في طريقنا كله، حتى وردنا بغداد، فدُخل بنا على أبي جعفر، فلما نظر إلى أبي قال: هِيه! أخَرجتَ عليّ مع محمد! قال: قد كان ذاك؛ فأغلظ له أبو جعفر؛ فراجعه مليًّا، ثم أمر به فضُربت عنقه، ثم أمر بموسى فضُرِب بالسياط، ثم أمر بي فقُرّبت إليه، فقال: اذهبوا به فأقيموه على رأس أبيه؛ فإذا نظر إليه فاضربوا عنقَه على جيفته، قال: فكلمه عيسى بن عليّ، وقال: والله ما أحسبه بلغ؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، كنتُ غلامًا حدثًا غِرًّا أمرني أبي فأطعتُه، قال: فأمر بي فضُربتُ خمسين سوطًا، ثم حبسني في المطبَق وفيه يومئذ يعقوب بن داود، فكان خير رفيق أرافقه وأعطفه، يُطعمني من طعامه، ويسقيني من شرابه، فلم نزل كذلك حتى توُفِّيَ أبو جعفر، وقام المهديّ وأخرج يعقوب، فكلمه فيّ فأخرجني.

قال: وحدّثني أيوب بن عمر، قال: حدّثني محمد بن خالد، قال: أخبرني محمد بن عروة بن هشام بن عُروة، قال: إني لعند أبي جعفر، إذْ أتي فقيل له: هذا عثمان بن محمد بن خالد قد دُخِل به، فلما رآه أبو جعفر، قال: أين المال الذي عندك، قال: دفعته إلى أمير المؤمنين رحمه الله، قال: ومَن أمير المؤمنين؟ قال: محمد بن عبد الله، قال: أبايعتَه؟ قال: نعم كما بايعتَه، قال: يا بن اللخناء! قال: ذاك مَنْ قامت عنه الإماء، قال: اضرب عنقه، قال: فأخِذ فضربت عنقه.

قال: وحدثني سعيد بن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدّثني محمد بن عثمان بن خالد الزُّبيريّ، قال: لما خرج محمد خرج معه رجلٌ من آل كثير بن الصلت، فلما قتل وهُزِم أصحابه تغيّبوا؛ فكان أبي والكثيريّ فيمن تغيّب، فلبثوا بذلك؛ حتى قدم جعفر بن سليمان واليًا على المدينة، فاشتدّ في طلب أصحاب محمد، فاكترى أبي من الكثيريّ إبلًا كانت له، فخرجنا متوجّهين نحو البصرة، وبلغ الخبر جعفرًا، فكتب إلى أخيه محمد يعلمه بتوجّهنا إلى البصرة، ويأمره بالترصّد لنا والتيقظ لأمرنا ومقدمنا، فلما قدمنا علم محمد بمقدمنا ومكاننا، فأرسل إلينا فأخذنا، فأتِيَ بنا، فأقبل عليه أبي، فقال: يا هذا، اتّق الله في

<<  <  ج: ص:  >  >>