للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم أرض جُوخَى حتَّى خرج بهم في الراذانات، حتَّى قطع بهم إلى أرض الموصل، فنزلت ببنات تلي، وبلغ مكانُه ومنزلُه الَّذي نزل به عبيدَ الله بن زياد، فسأل عن عدّتهم، فأخبرتْه عيونُه أنَّه خرج معه من الكوفة ثلاثةُ آلاف فارس، فقال عبيد الله: فأنا أبعث إلى كلّ ألف ألفين، ودعا ربيعة بن المخارق الغنويّ، وعبد الله بن حمْلة الخثعميّ، فبعثهما في ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف، وبعث ربيعة بن المخارق أوّلًا، ثمّ مكث يومًا، ثمّ بعث خلفه عبد الله بن حمْلة، ثم كتب إليهما: أيّكما سَبَق فهو أمير على صاحبه، وإن انتهيتما جميعًا فأكبركما سِنّا أميرٌ على صاحبه والجماعة، قال: فسبق ربيعة بن المخارق فنزل بيزيد بن أنس وهو ببنات تلي، فخرج إليه يزيد بن أنس وهو مريض مضنىً (١). (٦/ ٣٩ - ٤٠).

قال أبو مخنف: فحدّثني أبو الصلت، عن أبي سعيد الصَّيْقل، قال: خرج علينا يزيد بن أنس وهو مريض على حمار يمشي معه الرجال يُمسِكونه عن يمينه وعن شماله، بفخذيه وعضديه وجنبيه، فجعل يقف على الأرباع:

رُبْع ربع ويقول: يا شرطة الله، اصبروا تُؤجَرُوا، وصابروا عدوّكم تَظفَروا، وقاتِلوا أولياءَ الشيطان، إنّ كَيْدَ الشيطانِ كان ضعيفًا، إن هلكتُ فأميركم ورقاء بن عازب الأسديّ، فإن هَلَك فأميرُكم عبد الله بن ضَمْرة العذريّ، فإن هلك فأميرُكم سِعْر بن أبي سعر الحنفيّ، قال: وأنا والله فيمن يمشي معه ويُمْسِك بعضده ويده، وإني لأعرف في وجهه أنّ الموت قد نزل به، قال: فجعل يزيدُ بن أنس عبد الله بن ضَمْرة العذريّ على ميمنته، وسِعْر بن أبي سعر على ميسرته، وجعل ورقاءَ بن عازب الأسديّ على الخيل، ونزل هو فوُضع بين الرجال على السرير، ثم قال لهم: ابرزوا لهم بالعرَاء، وقدّموني في الرجال، ثمّ إن شئتم فقاتلوا عن أميركم، وإن شئتم ففرّوا عنه، قال: فأخرجناه في ذي الحجَّة يومَ عرفة سنة ست وستين فأخذْنا نُمسك أحيانًا بظَهْره فيقول: اصنعوا كذا، اصنعوا كذا، وافعلوا كذا، فيأمر بأمره، ثمّ لا يكون بأسرعَ من أن يغلبه الوجعُ فيوُضع هُنَيهة ويقتتل الناسُ، وذلك عند شفق الصبح قبل شروق الشمس، قال:


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>