للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلَ اليمن فقال لهم: إن اجتمعتم في مكان نجعل فيه مجنّبتين ونقاتل من وجه واحد فأنا صاحبكم، وإلّا فلا، والله لا أقاتل في مِثْل هذا المكان في سِكك ضيّقة، ونقاتَل من غير وجه، فانصرف إلى جماعة قومه في جبانة بني سَلول، قال: ولمَّا خرج رسولُ المختار إلى ابن الأشتر بلغه من يومه عشيَّةً، فنادى في الناس: أن ارجعوا إلى الكُوفة، فسار بقيَّة عشيَّته تلك، ثمّ نزل حين أمسى، فتعشّى أصحابه، وأراحوا الدوابَّ شيئًا كلا شيء، ثمّ نادى في الناس، فسار ليلتَه كلَّها، ثمّ صلَّى الغداة بسُورا، ثمّ سار من يومه فصلَّى العصر على باب الجسر من الغد، ثمّ إنَّه جاء حتى بات ليلَته في المسجد ومعه من أصحابه أهل القوّة والجلد، حتَّى إذا كان صبيحة اليوم الثالث من مُخرجهم على المختار، خرج المختارُ إلى المنبر فصعده (١). (٦/ ٤٦).

قال أبو مخنف: فحدّثني أبو جناب الكلبيّ أنّ شَبَث بن رِبْعيّ بعث إليه ابنه عبد المؤمن فقال: إنَّما نحن عشيرتُك وكفّ يمينك، لا والله لا نقاتلك، فثقْ بذلك مِنَّا، وكان رأيه قتاله، ولكنَّه كاده، ولمَّا أن اجتمع أهلُ اليمَن بجبانة السَّبيع حضرتِ الصلاة، فكَرِه كلّ رأس من رؤوس أهلِ اليمن أن يتقدّمه صاحبُه، فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف: هذا أوّل الاختلاف، قدّموا الرضا فيكم، فإنّ في عشيرتكم سيِّد قرّاء أهل المصر، فليصل بكم رفاعةُ بن شدّاد الفتيانيّ من بجِيلة، ففعلوا، فلم يزل يصلّي بهم حتَّى كانت الوقعة (٢). (٦/ ٤٧).

قال أبو مخنف: وحدّثني وازع بن السريّ أنّ أنس بن عمرو الأزديّ انطلق فدخل في أهل اليمن، وسمعهم وهم يقولون: إنْ سار المختار إلى إخواننا من مضرَ سرْنا إليهم، وإن سار إلينا ساروا إلينا، فسمِعَها منهم رجل، وأقبل جوادًا حتَّى صعد إلى المختار على المنبر، فأخبَره بمقالتهم، فقال: أمَّا هم فخُلَقَاء لو سرتُ إلى مضرَ أن يسيروا إليهم، وأمَّا أهل اليَمَن فأشهد لئن سرتُ إليهم لا تسير إليهم مضر، فكان بعد ذلك يدعو ذلك الرجلَ ويكرمه، ثم إنّ المختار نزل فعبّأ أصحابه في السوق - والسوق إذ ذاك ليس فيها هذا البناء - فقال لإبراهيم بن


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>