للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستُخرج من دور الوادعيِّين خمسمئة أسير، فأُتي بهم المختار مكتَّفين، فأخذ رجل من بني نَهْد وهو من رؤساء أصحاب المختار يقال له: عبد الله بن شريك، لا يخلو بعربيّ إلا خلَّى سبيله، فرفعَ ذلك إلى المختار دِرْهم مولىً لبني نَهد، فقال له المختار: اعرضوهم عليّ، وانظروا كلّ من شهد منهم قتل الحسين فأعلموني به، فأخذوا لا يُمَرّ عليه برجل قد شهد قتل الحسين إلا قيل له: هذا ممَّن شهد قتله، فيقدّمه فيضرب عنقه، حتَّى قتل منهم قبل أن يخرج مئتين وثمانيةً وأربعين قتيلًا، وأخذ أصحابه كلَّما رأوا رجلًا قد كان يؤذيهم أو يماريهم أو يضرّبهم خَلوْا به فَقتَلُوه حتَّى قُتل ناس كثير منهم وما يشعر بهم المختار، فأُخبر بذلك المختار بعدُ، فدعَا بمَنْ بقي من الأسارى فأعتَقهم، وأخذ عليهم المواثيقَ ألّا يجامعوا عليه عدوًّا، ولا يبغوه ولا أصحابه غائلة، إلّا سُرَاقَةَ بن مرداس البارقيّ، فإنَّه أمر به أن يُساقَ معه إلى المسجد، قال: ونادى منادِي المختار: إنَّه من أغلق بابه فهو آمن، إلا رجلًا شَرَك في دم آل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - (١). (٦/ ٤٧ - ٥١).

قال أبو مخنف: حدّثني المجالد بن سعيد، عن عامر الشعبيّ، أن يزيد بن الحارث بن يزيد بن رؤيم وحجَّار بن أبجر بعثا رسلًا لهما، فقالا لهم: كونوا من أهل اليمن قريبًا، فإنْ رأيتموهم قد ظهروا فأيّكم سبق إلينا فليقل صَرَفان، وإن كانوا هُزِموا فليقل جُمْزان، فلما هُزِم أهل اليمن أتتْهم رسلهم، فقال لهم أوّلُ من انتهى إليهم: جُمْزان، فقام الرجلان فقالا لقومهما: انصرِفوا إلى بيوتكم، فانصرَفوا، وخرج عمرو بن الحجّاج الزُّبيديّ - وكان ممّن شهد قتل الحسين - فركب راحلتَه، ثمّ ذهب عليها، فأخذ طريقَ شَراف وواقصة، فلم يُرَ حتَّى الساعة، ولا يُدرَى أرضٌ بخسَتْه أم سماءٌ حصبَتْهُ! وأمَّا فُرات بن زَحْر بن قيس فإنه لمَّا قتل بعثتْ عائشةُ بنت خليفة بن عبد الله الجُعفيَّة - وكانت امرأة الحسين بن عليّ - إلى المختار تسأله أن يأذن لها أن تواريَ جسده؛ ففعل؛ فدفنتْه.

وبعث المختار غلامًا له يدعى زِرْبيًا في طلب شَمِر بن ذي الجَوْشَن.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>