للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو مخنف: فحدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن مسلم بن عبد الله الضّبابيّ، قال: تَبعنا زرْبيٌّ غلامُ المختار، فَلحِقَنا وقد خرجْنا من الكوفة على خيول لنا ضُمَّر، فأقبل يتمطَّر به فرسُه، فلمَّا دنا منَّا قال لنا شمر: اركضوا وتباعدوا عنّي لعلّ العبد يطمع فيّ؛ قال: فركَضْنا، فأمعنَّا، وطمع العبد في شمِر، وأخذ شمر ما يستطرد له، حتَّى إذا انقطع من أصحابه حمل عليه شمِر فدقَّ ظهره، وأتى المختار فأخبر بذلك، فقال: بؤسًا لزربيّ، أما لو يستشيرُني ما أمرْته أن يخرُج لأبي السابغة (١). (٦/ ٥٢).

قال أبو مخنف: حدّثني أبو محمَّد الهَمْداني، عن مسلم بن عبد الله الضّبابيّ، قال: لمَّا خرج شمر بن ذي الجَوْشن وأنا معه حين هزمنا المختار، وقتل أهل اليمن بجبَّانة السَّبيع، ووجَّه غلامَه زربيًّا في طلب شمر، وكان مَن قتل شمر إيَّاه ما كان، مضى شمر حتَّى ينزلَ ساتِيدَمَا، ثمّ مضى حتَّى ينزل إلى جانب قرية يقال لها الكلتانيَّة على شاطئ نهر، إلى جانب تلّ، ثمّ أرسل إلى تلك القرية فأخذ منها عِلْجًا فضربه، ثمّ قال: النّجاء بكتابي هذا إلى المصعَب بن الزبير وكتب عنوانه: للأمير المصعب بن الزبير من شمِر بن ذي الجوشن، قال: فمضَى العِلْج حتَّى يدخل قريةً فيها بيوت، وفيها أبو عَمْرة، وقد كان المختار بعثَه في تلك الأيَّام إلى تلك القرية لتكون مَسْلحة فيما بينه وبين أهل البصرة، فلقي ذلك العِلْج عِلْجا من تلك القرية، فأقبل يشكو إليه ما لقي من شمر، فإنَّه لقائم معه يكلّمه إذ مر به رجل من أصحاب أبي عمرة، فرأى الكتابَ مع العِلج، وعنوانه: لمصعب من شمر، فسألوا العلجَ عن مكانه الَّذي هو به، فأخبَرَهم فإذا ليس بينهم وبينه إلّا ثلائة فراسخ، قال: فأقبلوا يسيرون إليه (٢). (٦/ ٥٢ - ٥٣).

قال أبو مخنف: فحدّثني مسلم بن عبد الله، قال: وأنا والله مع شَمِر تِلك اللَّيلة، فقلنا: لو أنَّك ارتحلتَ بنا من هذا المكان فإنَّا نتخوّف به! فقال: أوَ كلّ هذا فَرَقا من الكذَّاب! والله لا أتحوّل منه ثلاثة أيّام، ملأ الله قلوبَكم رُعْبًا! قال: وكان بذلك المكان الذي كنَّا فيه دبىً كثير، فوالله إني لَبيْن اليَقْظانِ والنائم، إذْ


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>