للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعتُ وَقْعَ حوافر الخيل، فقلت في نفسي: هذا صوتُ الدَّبى، ثمّ إني سمعته أشدّ من ذلك، فانتبهتُ ومسحتُ عينيّ، وقلت: لا والله، ما هذا بالدَّبَى. قال: وذهبتُ لأقومَ، فإذا أنا بهم قد أشرفوا علينا من التَّلّ فكبّروا، ثم أحاطوا بأبياتنا، وخرجْنا نشتدّ على أرجُلنا وتركنا خيلنا، قال: فأمُرُّ على شمِر، وإنَّه لمتَّزر ببُرد محقق، - وكان أبرَصَ - فكأني أنظر إلى بياض كشحيه من فوق البُرْد، فإنَّه لَيطاعنهم بالرمح، قد أعجَلوه أن يلبس سلاحَه وثيابَه، فمضينا وتركناه، قال: فما هو إلّا أن أمعنتُ ساعةً، إذ سمعتُ: الله أكبر، قتلَ الله الخبيث! (١) (٦/ ٥٣).

قال أبو مخنف: حدّثني المشرقيّ، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود، قال: أنا والله صاحب الكتاب الَّذي رأيته مع العِلْج، وأتيتُ به أبا عَمرة وأنا قتلت شَمِرًا، قال: قلت: هل سمعتَه يقول شيئًا ليلتئذ؟ قال: نعم، خرج علينا فطاعَنَنا برمحه ساعةً، ثمّ ألقى رمْحَه، ثمّ دخل بيته فأخذ سيفَه، ثمّ خرج علينا وهو يقول:

نبَّهْتُمُ لَيثَ عَرِينٍ بَاسِلَا ... جَهْمًا مُحيَّاهُ يَدُقُّ الكاهِلَا

لم يُرَ يَوْمًا عَنْ عَدُوٍّ ناكِلَا ... إلَّا كذَا مُقَاتِلًا أو قاتِلَا

يُبْرِحُهُمْ ضَرْبًا ويُرْوِي العامِلَا (٢)

(٦/ ٥٣ - ٥٤)

قال أبو مخنف: عن يونس بن أبى إسحاق: ولمَّا خرج المختار من جَبّانة السَّبيع، وأقبل إلى القصر، أخذ سُراقةُ بن مِرْداس يناديه بأعلى صوته:

امننْ عليَّ اليَوْمَ يا خَيْرَ مَعَدّ ... وخَيْرَ مَنْ حَلَّ بِشِحْرٍ والجَنَدْ

وخَيْرَ من حَيَّا ولبَّى وسَجَدْ

فبعث به المختار إلى السجن، فحبسه ليلةً، ثمّ أرسل إليه من الغد فأخرَجه، فدعا سراقة، فأقبَل إلى المختار وهو يقول:

ألا أبلغْ أبَا إسْحاقَ أَنّا ... نَزَوْنا نَزوةً كانت علينا


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>