زوجُكِ؟ فقالت: لا أدري أين هو - وأشارت بيدها إلى المخرج، فدخلوا فوجدوه قد وضع على رأسه قَوْصَرَّةً - فأخرجوه، وكان المختار يسير بالكوفة، ثمّ إنَّه أقبل في أثر أصحابه وقد بعث أبو عَمرَة إليه رسولًا، فاستقبل المختار الرسولَ عند دار بلال، ومعه ابنُ كامل، فأخبَرَه الخبر، فأقبل المختار نحوَهم، فاستقبل به، فردّده حتَّى قتله إلى جانب أهله، ثمّ دعا بنار فحرّقه [بها]، ثم لم يبرح حتَّى عاد رمادًا، ثمّ انصرف عنه، وكانت امرأته من حَضْرَمَوْت يقال لها العَيُوف بنت مالك بن نَهار بن عَقْرَب، وكانت نصبتْ له العداوة حين جاء برأس الحسين (١). (٦/ ٥٩ - ٦٠).
قال أبو مخنف: وحدّثني موسى بن عامر أبو الأشعر أنّ المختار قال ذات يوم وهو يحدّث جلساءَه: لأقتلنّ غدًا رجلًا عظيمَ القَدَمين، غائرَ العينين، مشرفَ الحاجبين، يسرّ مقتلُه المؤمنين والملائكةَ المقرّبين، قال: وكان الهيثم بن الأسوَد النَّخعيّ عند المختار حين سمع هذه المقالة، فوقع في نفسه أنّ الَّذي يريد عمر بن سعد بن أبي وقَّاص، فلمَّا رجع إلى منزله دعا ابنه العُريان فقال: القَ ابنَ سعد الليلةَ فخَبّره بكذا وكذا، وقل له: خذ حِذْرك، فإنَّه لا يريد غيرَك، قال: فأتاه فاستخلاه، ثمّ حدّثه الحديث، فقال له عمر بن سعد: جزى الله أباك والإخاء خيرًا! كيف يريد هذا بي بعد الَّذِي أعطاني من العهود والمواثيق! وكان المختار أوّل ما ظهر أحسنَ شيء سيرةً وتألّفًا للناس، وكان عبد الله بن جَعْدة بن هبيرة أكرمَ خَلْق الله على المختار لقرابته بعليّ، فكلَّم عمرُ بنُ سعد عبد الله بن جعدة وقال له: إني لا آمَن هذا الرجل - يعني المختار - فخُذْ لي منه أمانًا، ففعل، قال: فأنا رأيتُ أمانَه وقرَأتُه [وهو]:
بسمِ الله الرحمن الرحيم، هذا أمانٌ من المختار بن أبي عبيد لعمرَ بن سعد بن أبي وقَّاص، إنَّك آمن بأمان الله على نفسك، ومالِك وأهلِك وأهل بيتك وولدِك، لا تؤاخذُ بحَدَث كانَ منك قديمًا ما سمعتَ وأطعتَ ولزمتَ رَحْلك وأهلَك ومِصرَك، فمن لقي عمرَ بن سعد من شُرْطة الله وشيعةِ آل محمَّد ومن غيرهم من الناس، فلا يعرض له إلّا بخير، شهد السائبُ بن مالك وأحمرُ بن