للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شميط وعبدُ الله بن شدّاد وعبُد الله بن كامل، وجعلَ المختارُ على نفسه عهدَ الله وميثاقَه ليَفِيَنَّ لعمرَ بن سعد بما أعطاه من الأمان، إلّا أن يُحدِث حَدَثًا، وأشَهَد اللهَ على نفسه، وكَفَى باللهِ شهيدًا.

قال: فكان أبو جعفر محمَّد بن عليّ يقول: أمَّا أمانُ المختار لعمر بن سعد: إلّا أن يُحدِث حَدَثًا، فإنه كان يريد به إذا دخل الخلاء فأحْدث.

قال: فلمَّا جاءه العُريان بهذا خرج من تحت ليلته حتَّى أتى حمَّامه، ثم قال في نفسه: أنزِل دارِي، فرجع فعبر الرَّوْحاءَ، ثمّ أتى دارَه غُدوَةً، وقد أتى حمَّامَه، فأخبر مولىً له بما كان من أمانه وبما أريد به، فقال له مولاه: وأيّ حَدَث أعظمُ ممَّا صنعتَ! إنَّك تركت رَحلك وأهْلَك وأقبلتَ إلى هاهنا، ارجع إلى رحلك، لا تجعلنّ للرجل عليك سبيلًا، فرجع إلى منزله، وأتى المختارَ بانطلاقه، فقال: كلّا إنّ في عنقه سلسلةً ستردّه لو جهَد أن ينطلق ما استطاع، قال: وأصبح المختارُ فبعث إليه أبا عمرةَ، وأمَرَه أن يأتيه به، فجاءه حتَّى دخل عليه فقال: أجِب الأميرَ، فقام عمر: فعثر في جُبَّة له، ويضربه أبو عَمْرة بسيفه، فقتله، وجاء برأسه في أسفل قَبائه حتَّى وضعَه بين يدَي المختار، فقال المختار لابنه حفص بن عمرَ بن سعد وهو جالس عنده: أتعرف هذا الرّأس؟ فاسترجع وقال: نعم، ولا خير في العيش بعدَه، قال له المختار: صدقت، فإنَّك لا تعيش بعده، فأمر به فقُتِل، وإذا رأسَه مع رأس أبيه، ثمّ إنّ المختار قال: هذا بحُسَين وهذا بعليّ بن حسين، ولا سَواء، واللهِ لو قتلتُ به ثلاثة أرباع قريش ما وَفَوا أنمُلةً من أنامله؛ فقالت حُميَدة بنت عمَر بن سعد تبكِي أباها:

لو كان غيرُ أخي قَسِيٍّ غرَّهُ ... أو غيرُ ذي يَمَنٍ وغيرُ الأَعْجمِ

سَخَّى بنفسي ذاكَ شيْئًا فاعلمُوا ... عنه وما البَطْرِيق مثلُ الألأمِ

أعطَى ابن سعدٍ في الصَّحيفة وابنَه ... عهدًا يلينُ له جَناحُ الأَرقمِ

فلمَّا قتل المختارُ عمرَ بن سعد وابنه بعث برأسَيْهما مع مسافر بن سعيد بن نمْران الناعطي وظَبْيان بن عمارة التميميّ، حتَّى قَدِمَا بهما على محمَّد بن الحنفيَّة، وكتب إلى ابن الحنفيّة في ذلك بكتاب (١). (٦/ ٦٠ - ٦٢).


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>