للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهَوْا به إلى دار العَنزيِّين وهو مكتوف نَصَبوه غَرَضًا، ثم قالوا له: سلبتَ ابن عليّ ثيابَه، والله لنَسلبنّ ثيابَك وأنت حيّ تنظرُ! فنزعوا ثيَابَه، ثمّ قالوا له: رَمَيْتَ حسينًا، واتّخذته غَرَضًا لنَبْلك، وقلت: تعلّق سهمي بسِرْباله ولم يضرّه، وايمُ الله لنرمينَّك كما رميته بنبال ما تعلَّق بك منها أجزاك، قال: فرَمَوه رشْقًا واحدًا، فوقعتْ به منهم نبالٌ كثيرة فخرّ ميّتًا (١). (٦/ ٦٢ - ٦٣).

قال أبو مخنف: فحدّثني أبو الجارود عمّن رآه قتيلًا كأنَّه قُنفُذ لِمَا فيه من كثرة النَّبل: ودخل عديّ بن حاتم على المختار فأجلسَه معه على مجلسه، فأخبره عديّ عمَّا جاء له، فقال له المختار: أتستحلّ يا أبا طَريف أن تَطلُب فيّ قَتَلة الحسين! قال: إنه مكذوب عليه أصلحك الله! قال: إذًا ندَعه لك قال: فلم يكن بأسرع من أن دخل ابن كامل فقال له المختار: ما فَعَل الرجل؟ قال: قتلتْه الشيعة: قال: وما أعَجَلَك إلى قتله قبل أن تأتيني به وهو لا يسرّه أنَّه لم يقتله - وهذا عديّ قد جاء فيه، وهو أهلٌ أن يشُفَّع ويؤتى ما سرّه! قال: غلبتْني واللهِ الشيعة، قال له عديّ: كذبتَ يا عدوَّ الله، ولكنْ ظننْتَ أنّ من هو خيرٌ منك سيشفّعني فيه، فبادرتَني فقتلتَه، ولم يكن خطر يدفعك عمَّا صنعت. قال: فاسحَنْفر إليه ابن كامل بالشَّتيمة، فوضع المختار إصبَعَه على فيه، يأمر ابن كامل بالسكوت والكفّ عن عديّ، فقام عديّ راضيًا عن المختار ساخطًا على ابن كامل، يشكوه عند من لقي من قومه، وبعث المختار إلى قاتل عليّ بن الحسين عبدَ الله بن كامل، وهو رجلٌ من عبد القيس يقال له مُرّة بن مُنْقذ بن النعمان العبديّ وكان شجاعًا، فأتاه ابنُ كامل فأحاط بداره، فخرج إليهم وبِيَدِه الرّمح، وهو على فرس جواد، فطعن عبيد الله بن ناجية الشِّباميّ، فصرَعه ولم يضرّه، قال: ويضربه ابن كامل بالسيف فيتّقيه بيده اليسرى، فأسرع فيها السيف، وتمطَرت به الفرس، فأفلت ولحق بمصعب، وشُلَّت يده بعد ذلك، قال: وبعث المختارُ أيضًا عبدَ الله الشاكريّ إلى رجل من جَنْب يقال له زيدُ بن رُقاد. كان يقول: لقد رميتُ فتىً منهم بسهم وإنَّه لواضِع كفَّه على جبهته يتَّقي النبلَ فأثبتُّ كفَّه في جبهته، فما استطاع أن يزيل كفَّه عن جبَهته (٢). (٦/ ٦٣ - ٦٤).


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>