راجعًا نحوَ البصرة، فاجتمع بها هو وابنُ مطيع في إمارة الحارث بنِ عبد الله بن أبي ربيعة، وذلك قبل وثوب المثنَّى بن مخرِّبة العبديّ بالبَصرة (١). (٦/ ٧١ - ٧٢).
قال أبو مخنف: فحدّثني إسماعيل بن نُعيم أنّ المختار أخبِر أنّ أهل الشام قد أقبَلوا نحو العراق، فعَرَف أنه به يُبْدَأ، فخشى أنه يأتيَه أهلُ الشام من قبل المغرب، ويأتيَه مصعب بن الزبير من قِبَل البَصرةَ، فوادَعَ ابنَ الزبير وداراه وكايده؛ وكان عبدُ الملك بن مروانَ قد بعث عبد الملك بن الحارث بن الحكَم بن أبي العاص إلى وادي القرى، والمختار لابن الزبير مكايِدٌ موادع، فكتب المختار إلى ابن الزبير:
أما بعد، فقد بلغني أنّ عبد الملك بن مروانَ قد بعث إليك جيشًا، فإن أحببتَ أن أمدّك بمدَدَ أمددتُك. فكتب إليه عبدُ الله بنُ الزبير:
أما بعد، فإن كنتَ على طاعتي فلستُ أكره أن تبعث الجيشَ إلى بلادي وتبايعَ لي الناس قِبلك، فإذا أتتْني بيعتُك صدّقتُ مقالتَكَ، وكففتُ جنودي عن بلادك، وعَجِّل عليّ بِتسريح الجيش الّذي أنت باعثه، ومُرهم فليسيروا إلى مَنْ بوادي القرى من جُنْد ابن مروان فليقاتلوهم، والسلام.
فدعا المختارُ شُرحبيلَ بن وَرْس من هَمدان، فسرّحه في ثلاثةِ آلاف أكثرهم الموالي، ليس فيهم من العرب إلّا سبعمئة رجل، فقال له: سرْ حتَّى تدخلَ المدينة، فإذا دخلتَها فاكتب إليّ بذلك حتَّى يأتيَك أمري؛ وهو يريد إذا دخلوا المدينة أن يبعث عليهم أميرًا من قبَله، ويأمرَ ابنَ ورس أن يمضيَ إلى مكَّة حتَّى يحاصرَ ابنَ الزبير ويقاتلَه بمكَّة، فخرج الآخر يسير قِبَل المدينة، وخشي ابن الزبير أن يكون المختار إنما يكيده، فبعث من مكّة إلى المدينة عباس بن سَهْل بن سعد في ألفين، وأمَرَه أن يستنفرَ الأعراب، وقال له ابنُ الزبير: إنْ رأيتَ القومَ في طاعتي فاقبل منهم، وإلّا فكايِدْهم حتَّى تُهلِكهم ففعلوا، وأقبَل عبَّاس بن سهل حتَّى لقي ابن ورس بالرقيم، وقد عبَّى ابن ورس أصحابَه، فجعل على ميمنته سَلمانَ بن حِميرَ الثَّوريّ من هَمْدان، وعلى مَيْسرته عيَّاش بن جَعْدة