من السفن يَمْشون، وأقبلتْ خيلُهم تَركض حتَّى أتَوْا ذلك السِّكْر، فكَسَروهُ وصَمَدوا صمد الكُوفة، فلمَّا رأى ذلك المختارُ أقبل إليهِم حتَّى نزل حَرُوراءَ، وحالَ بينهمْ وبين الكوفة، وقد كان حصّن قصرَه والمسجد، وأدخلَ في قصرِه عُدّة الحِصار، وجاء المصعبُ يسير إليه وهو بَحرُورَاءَ وقد استعمل على الكُوفة عبدَ الله بن شَدّاد، وخرج إليه المختارُ وقد جعل على مَيْمنته سُليم بن يزيد الكِنْديّ، وجعل على مَيْسرتِه سعيدَ بن مُنْقذ الهَمْدانيّ ثمّ الثَّورِيّ، وكان على شُرطتِه يومئذ عبد الله بن قُراد الخَثْعميّ، وبَعَث على الخيل عمرَ بن عبد الله النَّهْدِيّ، وعلى الرّجال مالكَ بن عمرو النَّهْديّ. وجعل مُصعبٌ على ميمنتِه المهلَّب بن أبي صُفرة، وعلى ميسرته عمرَ بنَ عُبَيد الله بن مَعْمَر التَّيْميّ، وعلى الخيل عَبَّاد بن الحُصَين الحَبَطيّ، وعلى الرّجال مقاتِل بن مِسمَع البَكْرِيّ، ونزل هو يَمْشي مُتنكِّبًا قَوْسًا له.
قال: وجعل على أهلِ الكُوفة محمَّد بن الأشعث، فجاء محمَّد حتَّى نزَل بين المصعب والمختار مغرّبًا مُيامِنا، قال: فلمَّا رأى ذلك المختارُ بعث إلى كلّ خُمس من أخماس أهلِ البَصْرة رجلًا من أصحابه، فبعث إلى بكرِ بن وائل سعيدَ بن مُنقذ صاحبَ مَيسرته، وعليهمْ مالِك بنُ مِسمَع البَكْريّ، وبعث إلى عبد القَيْس وعليهمْ مالكُ بنُ المنذر عبدَ الرحمن بنَ شُرَيح الشِّباميّ، وكان على بيتِ ماله، وبعث إلى أهل العالِيَة وعليهم قيسُ بنُ الهَيْثم السُّلَميّ عبدَ الله بنَ جَعْدة القرشيّ، ثم المخزوميّ، وبعث إلى الأزْد وعليهم زيادُ بنُ عمرو العَتَكيّ مسافرَ بن سَعيد بن نِمْران الناعطيّ، وبعث إلى بني تميم وعليهم الأحنَف بنُ قيس سُليمَ بن يزيد الكِنْديّ، وكان صاحب ميْمنته، وبعث إلى محمَّد بن الأشعث السائبَ بن مالك الأشعريّ، ووقف في بقيَّة أصحابه، وتَزاحف الناسُ ودنَا بعضُهم من بعض، ويَحمِل سعيدُ بن منقذ وعبدُ الرّحمن بنُ شُرَيح على بكر بن وائل، وعبد القيس، وهم في الميسرَة وعليهم عمرُ بنُ عُبيد الله بنِ مَعمَر؛ فقاتلهم ربيعةُ قتالًا شديدًا، وصبروا لهم، وأخذ سعيدُ بنُ مُنقذٍ وعبدُ الرحمن بنُ شُرَيح لا يُقلعان، إذا حمل واحدٌ فانصرف حمل الآخَر، وربَّما حَمَلا جميعًا؛ قال: فبَعَث المُصعب إلى المهلَّب: ما تنتظر أن تَحمِل على مَنْ بإزائك! ألا ترى ما يَلقَى هذا الخُمْسان منذ اليوم! احمِلْ بأصحابِك، فقال: إي