للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُتِل! قال: صدقتَ، فَرَحِم اللهُ محمّدًا، ثمّ سار غير بعيد، ثم قال: يا مهلّب، قال: لبَّيك أيها الأمير؛ قال: هل علمتَ أنّ عُبيدَ الله بنَ عليّ بن أبي طالب قد قُتِل! قال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، قال: المُصْعَب: أمَّا إنَّه كان ممَّن أحبّ أن يرى هذا الفَتْح، ثم لا نَجْعَل أنفسَنا أحقّ بشيء ممَّا نحن فيه منه، أتدري مَن قَتَله؟ قال: لا؛ قال: إنَّما قَتَله مَن يزعم أنَّه لأبيه شيعة، أما إنَّهم قد قَتَلوه وهم يَعرِفونه.

قال: ثم مضى حتَّى نزل السَّبخة فقَطع عنهم الماء والمادّة، وبعث عبدَ الرّحمن بن محمد بن الأشعث فنَزَل الكناسة، وبعث عبد الرحمن بنَ مِخنَف بن سليم إلى جَبَّانة السَّبيع، وقد كان قال لعبد الرحمن بن مِخنَف: ما كنت صنعتَ فيما كنتُ وكَّلتُك به؟ قال: أصلَحك الله! وجَدْت الناسَ صِنفَيْن؛ أمَّا مَن كان له فيك هَوىً فخرج إليك، وأمَّا مَن كان يرى رأيَ المُختار، فلم يكن لِيدَعه، ولا ليُؤثِر أحدًا عليه، فلم أبرح بَيْتي حتى قدمتَ؛ قال: صدقت، وبعث عبَّاد بن الحُصَين إلى جَبَّانة كِنْدة، فكلّ هؤلاء كان يَقطَع عن المختارِ وأصحابِه الماءَ والمادّة.

وهم في قصر المُخْتار، وبعث زَحْر بنُ قَيْس إلى جَبَّانة مُراد، وبعث عُبيدَ الله بن الحرّ إلى جَبَّانة الصائديين (١). (٦/ ١٠٤ - ١٠٥).

قال أبو مخنَف: وحدّثني فُضيل بن خَديج، قال: لقد رأيتُ عبيدَ الله بن الحُرّ، وإنَّه ليطارِد أصحابَ خَيْل المختار، يُقاتِلهم في جَبَّانة الصائديَين ولرّبما رأيتُ خيلَهُم تَطْرُدُ خيلَه، وإنَّهُ لوراءَ خَيله يَحْمِيها حتَّى يَنتهي إلى دار عِكرِمة، ثمّ يَكُرّ راجعًا هو وخيلُه، فيَطرُدهم حتَّى يُلحقَهم بجبَّانة الصائديّين، ولربَّما رأيت خيلَ عُبيد الله قد أخذتْ السقّاء والسقّاءين فيُضرَبون، وإنَّما كانوا يأتونهم بالماء أنهم كانوا يعطونهم بالراوية الدينار والدينارين لما أصابَهم من الجَهْد، وكان المختار ربَّما خرج هو وأصحابُه فقاتلوا قِتالًا ضعيفًا، ولا نكاية لهم، وكانت لا تَخرج له خيل إلّا رُميتْ بالحِجارة من فوقِ البُيوت، ويُصَبّ عليهم الماءُ القَذِر.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>