للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لك ولمن معك، فأبَى عليهم وتبع رضا العامة، فقال بجير المسلِيّ: إن حاجتي إليك ألّا أقتَل مع هؤلاء [القوم] إني أمرتُهم أن يخرجوا بأسيافهم فيقاتلوا حتى يموتوا كِرامًا فعصوْني، فقُدّم فقُتِل (١). (٦/ ١٠٥ - ١١٠).

قال أبو مخنف: وحدّثني أبي، قال: حدّثني أبو رَوْق أنّ مسافرَ بنَ سعيد بن نِمْران قال لمُصعب بنِ الزبير: يا بن الزّبير، ما تقولُ لله إذا قَدمت عليه وقد قتلتَ أمة من المُسلِمين صَبْرًا! حكّموك في دمائهم، فكان الحقّ في دمائهم ألّا تقتل نفسَّا مَسلِمة بغير نفس مُسلِمة، فإن كنا قتلْنا عِدّة رجال منكم فاقتلوا عِدَّةَ من قتلنا منكم، وخلّوا سبيل بقيّتنا وفينا الآن رجالٌ كثير لم يشهدوا موطنًا من حربنا وحَربكم يومًا واحدًا، كانوا في الجبال والسواد يَجْبون الخَراج، ويؤمنون السبيل، فلم يستمع له، فقال: قبّح الله قومًا أمرتُهم أن يَخرُجوا ليلًا على حَرَس سكة من هذه السكك فنطردهم، ثمّ نَلحق بعشائرنا، فعَصوْني حتى حَمَلوني على أن أعطيت التي هي أنقص وأدنى وأوضع، وأبوْا أن يموتوا إلّا ميتة العبيد، فأنا أسألُك ألّا تَخلِط دمي بدِمائهم فقُدّم فقُتل ناحية.

ثمّ إنّ المُصعَب أمر بكَفّ المختار فقُطعت ثمّ سُمرت بمسِمار حديدْ إلى جنب المسجد، فلم يزل على ذلك حتى قدم الحجّاج بن يوسفَ، فنظر إليها فقال: ما هذه؟ قالوا: كَفّ المختار، فأمرَ بَنزْعها، وبعث مُصعَب عُماله على الجِبال والسواد، ثمّ إنه كتب إلى ابن الأشتر يدعوه إلى طاعته، ويقول له: إن أنتَ أجَبتَني ودخلتَ في طاعتي فلك الشام وأعِنّة الخيل، وما غلبت عليه من أرضِ المغرب ما دام لآل الزّبير سُلطان، وكتب عبد الملك بن مروان من الشام إليه يدعوه إلى طاعته، ويقول: إن أنت أجَبْتَني ودخلتَ في طاعتي فلك العراق، فدعا إبراهيمُ أصحابه فقال: ما تَرَون؟ فقال بعضُهم: تدخل في طاعة عبدِ الملك، وقال بعضهم: تدخل مع ابن الزّبير في طاعته، فقال ابن الأشتر: ذاك لو لم أكن أصبتُ عبيد الله بن زياد ولا رؤساء أهل الشام تبعتُ عبد الملك؛ مع أني لا أحبّ أن أختار على أهلِ مِصري مِصْرًا، ولا على عشيرتي عشيرة، فكتب إلى مصعب، فكتب إليه مصعبٌ أن أقبِل، فأقبل إليه بالطاعة (٢). (٦/ ١١٠ - ١١١).


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>