للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو مخنَف: حدّثني أبو جَنَاب الكلبيّ أنّ كتاب مُصْعب قدم على ابن الأشتر وفيه:

أما بعد، فإنّ الله قد قتل المختار الكذّاب وشيعتَه الذين دانُوا بالكفر، وكادُوا بالسّحر، وإنا ندعوك إلى كتاب الله وسنة نبيِّه، وإلى بَيْعة أمير المؤمنين، فإنْ أجبتَ إلى ذلك فأقبل إليّ، فإنّ لك أرض الجزيرة وأرض المغرب كلّها ما بقيت وبقيَ سلطانُ آل الزبير، لك بذلك عهدُ الله وميثاقُه وأشدّ ما أخذ الله على النبيِّين من عهد أو عقد؛ والسلام.

وكتب إليه عبدُ الملك بن مَرْوان:

أما بعد، فإنّ آل الزبير انتَزوْا على أئمة الهدى، ونازعُوا الأمرَ أهلَه، وألحَدُوا في بيت الله الحَرام واللهُ مُمكِن منهم، وجاعل دائرةَ السوْء عليهم، وإني أدعوك إلى الله وإلى سُنة نبيّه، فإن قَبلتَ وأجبتَ فلك سلطانُ العراقِ ما بقيتَ وبقيتُ، عليّ بالوفاء بذلك عهدُ الله وميثاقُه.

قال: فدعا أصحابَه فأقرأهم الكتاب، واستشارهم في الرأي، فقائلٌ يقول عبد الملك؛ وقائل يقول: ابن الزبير؛ فقال لهم: ورأيي اتّباع أهلِ الشام، ولكن كيف لي بذلك، وليس قبيلة تسكُن الشام إلّا وقد وَتَرْتُها، ولستُ بتارك عشيرتي وأهل مصري! فأقبل إلى مُصعَب، فلما بلغ مصعبًا إقباله بعث المهلب إلى عمله، وهي السنة التي نزل فيها المهلب على الفُرات (١). (٦/ ١١١ - ١١٢).

قال أبو مخنف: حدّثني أبو عَلْقمة الخَثعميّ أنّ المُصَعب بَعثَ إلى أمّ ثابت بنتِ سَمُرة بنِ جُندَب امرأةِ المُختار وإلى عَمْرة بنت النعمان بن بَشير الأنصاريّ - وهي امرأةُ المختار - فقال لهما: ما تقولان في المختار؟ فقالت أمّ ثابت: ما عسينا أن نقول! ما نقول فيه إلّا ما تقولون فيه أنتم، فقالوا لها: اذهبي، وأما عَمرة فقالت: رحمة الله عليه، إنه كان عبدًا من عِبادِ الله الصالحين، فرَفعها مصعب إلى السجن، وكتب فيها إلى عبد الله بن الزّبير إنها تزعم أنه نبيّ، فكتَب إليه أن أخْرِجْها فاقتُلها.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>