للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الغافلاتِ المؤمناتِ، بَرِيئَةٍ ... من الذَّمِ والبُهْتان والشَّكّ والكذِبْ

علينا كتابُ القَتل والبأْسِ واجبٌ ... وهُنَّ العفافُ في الحِجَال وفي الحُجُب

على دِينِ أجدادٍ لها وأُبوَّةٍ ... كِرام مَضَت لم تُخْزِ أَهلًا ولم تُرِبْ

من الخفِرات لا خَرُوجٌ بَذِيَّةٌ ... مُلائِمَة تَبغِي على جَارِهَا الجُنبْ

ولا الجارِ ذي القُرْبَى ولم تَدْرِ ما الخنا ... ولم تزدَلِف يومًا بسُوءً ولم تحِبْ

عَجِبْتُ لها إذ كُفِّنَتْ وَهْيَ حَيَّهٌ ... ألا إنَّ هذا الخَطْبَ من أعجَبِ العجَب (١)

(٦/ ١١٢ - ١١٣).

قال أبو جعفر: واقتصّ الواقديّ من خبر المختار بن أبي عُبَيد بعض ما ذكرْنا، فخالف فيه مَنْ ذكرنا خبره، فزعم أنّ المختار إنما أظهَر الخلاف لابن الزّبير عند قُدوم مُصعَب البَصْرة، وأنّ مُصعَبًا لما سار إليه فبلغه مسيرُه إليه بعث إليه أحمرُ بن شُميط البَجَليّ، وأمَرَه أن يواقِعَه بالمَذار، وقال: إنّ الفتح بالمَذار؛ قال: وإنما قال ذلك المختار لأنه قيل: إن رجلًا من ثَقيفَ يُفتَح عليه بالمَذار فتحٌ عظيمٌ، فظنّ أنه هو، وإنما كان ذلك للحجّاج بن يوسفَ في قتاله عبَد الرّحمن بن الأشعث، وأمر مصعبٌ صاحبَ مقدّمته عَبّاد الحَبَطيّ أن يسير إلى جَمْع المُختار فتقدّم وتقدّم معه عُبيدُ الله بنُ عليّ بن أبي طالب، ونزل مصعب، نهر البصريِّين على شطّ الفرات، وحَفَرَ هُنالك نهرًا فسُمِّيَ نهر البصريِّين من أجل ذلك، قال: وخرج المختارُ في عشرين ألفًا حتى وقف بإزائهم وزحف مصعبٌ ومَن معه، فوافَوْه مع الليل على تعبية، فأرسل إلى أصحابه حين أمسَى: لا يَبرحنّ أحدٌ منكم موقفَه حتى يسمع مناديًا ينادي: يا محمّد، فإذا سمعتموه فاحمِلوا، فقال رجل من القوم من أصحاب المختار: هذا والله كذّاب على الله، وانحاز ومَنْ معه إلى المصعب، فأمهل المُختار حتى إذا طلع القمرُ أمَر منادِيًا، فنادى: يا محمد؛ ثمّ حَمَلوا على مُصعَب وأصحابه فهزَموهم. فأدخلوه عسكرَه، فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أصبحوا وأصبحَ المختارَ وليس عنده أحد، وإذا أصحابُه قد وَغَلوا في أصحاب مصعب، فانصرف المختارُ منهزمًا حتى دخل قصر الكوفة، فجاء أصحابُ المختار حين أصبحوا، فوقَفوا مَلِيًّا، فلم يروا المختار، فقالوا: قد قُتِل، فَهَرب منهم مَن أطاقَ الهَرَب، واختَفَوْا في دُور


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>