للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأزديّ، وكانت قد قرأت القرآن، وكانت من أجملِ النَّاس، فلمَّا غشوها بالسيوف قالت: ويْحَكُم! هل سمعتم بأنّ الرجال كانوا يُقتَلون النساء! ويْحَكم! تَقتلون من لا يبسط إليكم يدًا، ولا يريدُ بكم ضَرًّا، ولا يَملِك لنفسِه نَفعًا! أتقتلون من يُنشَّأ في الحِلْية وهو في الخِصام غيرُ مُبين! فقال بعضُهم: اقتلُوها.

وقال رجل منهم: لو أنكم تركتموها! فقال بعضهُم: أعَجَبك جمالها يا عدوّ الله! قد كفرت وافتَتَنْت، فانصرف الآخرُ عنهم وتركَهم، فظننَّا أنَّه فارَقَهم، وحملوا عليها فقتلوها، فقالت رَيْطةُ بنتُ يزيدُ: سبحان الله! أتروْن اللهَ يَرضى بما تَصْنَعون! تَقتُلون النساء والصّبيان ومَن لم يُذنب إليكم ذَنْبًا! ثمّ انصرفتْ وحملوا عليها وبين يديهِا الرُّواع بنتُ إياس بن شُرَيح الهَمْدانيّ، وهي ابنة أخيها لأمّها، فحَمَلوا عليها فضَرَبُوَها على رأسِها بالسيف، ويصيب ذُبابُ السيفِ رأسِ الرّوَاعِ فسقطتا جميعًا إلى الأرض، وقاتلهم إياسُ بن شُرَيح ساعةً، ثمّ صُرع فوَقع بين القتَلى، فنزَعوا عنه وهم يرَون أنَّهم قد قَتَلوه، وصُرع منهم رجل من بَكر بن وائل يقال له: رَزِين بن المتوكِّل.

فلمَّا انصرَفوا عنهم لم يَمت غيرُ بُنانة بنت أبي يزيد، وأمّ ولد ربيعة بن ناجد، وأفاقَ سائرُهم، فسقَى بعضُهم بعضًا من الماء، وعصبوا جراحاتِهم ثم استأجرُوا دوابّ، ثمّ أقبلوا نحوَ الكوفة (١). (٦/ ١١٩ - ١٢١).

قال أبو مخْنَف: فحدّثتْني الرّواع ابنةُ إياس، قالت: ما رأيتُ رجلًا قطّ كان أجبن من رجل كان معنا وكانت معه ابنتُه، فلمَّا غُشِينا ألقَاها إلينا وهرب عنها وعنّا ولا رأينا رجلًا قطُ كانَ أكرم من رجل كان معنا، ما نعرِفه ولا يَعرِفنا، لمَّا غُشِينا قاتَل دونَنا حتَّى صُرع بيننا، وهو رُزين بنُ المتوكّل البَكْريّ، وكان بعد ذلك يزورُنا ويُواصِلنا، ثمّ إنَّه هلك في إمارة الحَجَّاج، فكانت وَرَثَتَه الأعرابُ، وكان من العِباد الصالحين (٢). (٦/ ١٢١ - ١٢٢).

قال هشام بنُ محمَّد - وذكره عن أبي مخنَف - قال: حدّثني أبي، عن عمِّه أنّ مُصعَب بن الزّبير كان بعث أبا بكر بن مِخنَف على إِسْتان العال، فلمَّا قَدِم


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>