للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأشخصوه من ذلك المكان، فكلَّما نزل بهم منزلًا أقامَ بهم حتَّى يضجَّ الناسُ به من ذلك، ويَصيحوا به حول فُسْطاطه، فلم يَبلُغ الصَّراةَ إلا في بِضعةَ عشرَ يومًا، فأتى الصّراةَ وقد انتهى إليها طَلائعُ العَدُوّ وأوائلُ الخُيول، فلما أتتْهم العيونُ بأنَّه قد أتاهم جماعةُ أهلِ المِصر قَطعوا الجِسْر بينهم وبينَ النَّاس، وأخذ الناسُ يَرتَجزون:

إنّ القُباعَ سارَ سَيْرًا مَلْسَا ... بينَ دَبِيرَى ودَبَاهَا خَمْسَا (١)

(٦/ ١٢٣)

قال أبو مخنف: وحدّثني يونسُ بن أبي إسحاق، عن أبيه أنّ رجلًا من السَّبيع كان به لَمَم، وكان بقرية يقال لها جَوْبَر عند الخرّارة، وكان يُدعَى سِمَاكَ بنَ يزيد، فأتت الخوارجُ قريتَهُ فأخَذوه وأخذُوا ابنتَه، فقدّموا ابنتَه فقتلُوها، وزعم لي أبو الرّبيع السَّلوليّ أنّ اسم ابنته أمّ يزيد، وأنَّها كانت تقول لهم: يا أهلَ الإسلام، إن أبي مُصاب فلا تَقتُلوه، وأمَّا أنا فإنَّما أنا جارية، والله ما أتيتُ فاحشةً قطّ، ولا آذَيتُ جارة لي قطّ، ولا تطلَّعتُ ولا تشرّفْتُ قط، فقدَّموها ليقتلوها، فأخذتْ تُنادي: ما ذَنْبي ما ذَنْبي! ثم سقطتْ مَغشيًّا عليها أو مَيتَة ثم قطَّعوها بأسيافهم، قال أبو الرّبيع: حدّثتْني بهذا الحديث ظِئرٌ لها نصْرَانيَّةٌ من أهل الخَوَرْنَق كانت معها حين قُتلتْ (٢). (٦/ ١٢٣ - ١٢٤).

قال أبو مخنف: حدّثني يونسُ بنُ أبي إسحاق، عن أبيه، أنّ الأزارقة جاءت بِسِماك بن يزيد معهم حتَّى أشرَفوا على الصَّراة، قال: فاستقبل عسكرَنا، فرأى جماعة الناس وكثرتهم، فأخَذ ينادِينا ويَرفَع صوتَه: اعبرُوا إليهم فإنَّهم فَلٌّ خبيث، فضربوا عند ذلك عُنقَه وصَلبوه ونحن نَنظُر إليه، قال: فلمَّا كان الليلُ عبرتُ إليه وأنا رجل من الحيّ. فأنزَلْناه فدَفَنَّاه (٣). (٦/ ١٢٤).

قال أبو مخنف: حدّثني أبي أنّ إبراهيمَ بنَ الأشتر قال للحارث بن أبي ربيعة: اندب معي الناسَ حتَّى أعبر إلى هؤلاء الأكلُب، فأجيئَك برؤوسِهم الساعَة؛ فقال


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٣) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>