للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَبَث بن رِبْعيّ وأسماءُ بنُ خارجة ويزيدُ بن الحارث ومحمَّد بن الحارث ومحمَّد بن عُمَير: أصلحَ الله الأمير! دَعْهم فليذْهبوا، لا تَبدأهم؛ قال: وكأنَّهم حَسَدوا إبراهيمَ بنَ الأشتر (١). (٦/ ١٢٤).

قال أبو مِخنَف: وحدّثني حَصِيرةُ بن عبدِ الله وأبو زهير العَبْسيّ أنّ الأزارقةَ لما انتهوا إلى جِسْر الصّراة فرأوْا أنّ جماعة أهلِ المِصر قد خرجوا إليهم، قطعوا الجِسرَ واغَتَنم ذلك الحارث، فتحبَّس، ثم إنَّه جلس للناس فَحَمِد الله وأثنَى عليه، ثمّ قال: أمَّا بعد، فإنّ أوّل القِتال الرّمِيَّا بالنّبل، ثمّ إشراع الرّماح، ثمّ الطعن بها شَزْرًا؛ ثمّ السَّلّة آخر ذلك كلّه.

قال: فقام إليه رجل فقال: قد أحسَن الأمير أصلَحه الله الصّفة، ولكنْ حتَّام نَصْنع هذا وهذا البحر بيننا وبين عدوّنا! مُرْ بهذا الجِسْر فليُعَدْ كما كان، ثم اعبُرْ بنا إليهم، فإنّ الله سيريك فيهم ما تُحبّه، فأمر بالجسر فأعيدَ، ثم عبر الناسُ إليهم فطاروا حتَّى انتَهوْا إلى المَدائن، وجاء المسلمون حتَّى انتَهوا إلى المدائن، وجاءت خيل لهم فطاردت خيلًا للمسلمين طَرْدًا ضَعِيفًا عند الجِسْر، ثمّ إنَّهم خرجوا منها فأتبعهم الحارثُ بنُ أبي رَبيعةَ عبدَ الرحمن بنَ مِخنَف في ستَّة آلاف ليُخرجهم من أرض الكوفة، فإذا وَقَعوا في أرضِ البصرة خَلّاهم فأتبعهم حتَّى إذا خَرَجوا من أرضِ الكوفة ووقعوا إلى أصبهان انصرف عنهم ولم يقاتلهم، ولم يكن بينه وبينهم قِتال، ومضوا حتَّى نزلوا بعَتَّاب بن وَرْقَاء بحَيّ، فأقاموا عليه وحاصروه، فخرج إليهم فقاتلهم فلم يُطِقهم، وشَدّوا على أَصحابه حتَّى دخلوا المدينة، وكانت أصبهان يومئذ طُعْمةً لإسماعيل بن طَلحة من مُصعَب بن الزبير، فبعث عليها عتَّابًا، فصَبَر لهم عتَّاب، وأخَذ يخرج إليهم في كلّ يوم فيُقاتِلهم على باب المدينة، ويَرْمُون من السور بالنَّبْل والنشّاب والحِجَارة، وكان مع عتّاب رجل من حَضرموت يقال له أبو هُرَيرة بنُ شريح، فكان يَخرُج مع عتَّاب، وكان شجاعًا، فكان يَحمِل عليهم ويقول:

كيف تروْن يا كِلَابَ النَّارِ ... شَدَّ أبي هُرَيْرَةَ الهَرَّارِ

يهِرُّكم باللَّيلِ والنهارِ ... يا بن أبي الماحوزِ والأَشرارِ

كيف تُرَى جَيَّ على المِضْمارِ!


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>