للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أرى لك ألّا تفعل، فقال له عمرو: ولم؟ قال: لأنّ تُبيع ابن امرأةِ كَعْب الأحبار قال: إنّ عظيمًا من عظماءَ ولدِ إسماعيل يَرجع فيُغلق أبواب دِمشَق، ثمّ يَخرج منها، فلا يلبث أن يُقتل؛ فقال له عمرو: واللهِ لو كنت نائمًا ما تخوَّفت أن ينبّهني ابنُ الزّرقاء، ولا كان ليجترئ على ذلك مني، مع أنّ عثمانَ بنَ عفَّان أتاني البارحة في المنام فألبسني قميصه - وكان عبدُ الله بنُ يزيدَ زوج أم موسى بنت عمرو بن سعيد - فقال عمرو للرسول: أبلغه السلام، وقل له: أنا رائح إليك العشيَّةَ إن شاء الله. فلمَّا كان العشيّ لبس عمروٌ دِرْعًا حَصينَة بين قباء قُوهيّ وقميص قوهيّ وتقلَّد سيفَه وعندَه امرأتهُ الكلْبيّه، وحُميد بن حُرَيث بن بَحْدل الكلبيّ، فلمَّا نهض متوجّهًا، عثر بالبساط، فقال له حميد: أما والله لئن أطعْتني لم تأتِه، وقالت له امرأتهُ تلك المَقالةَ، فلم يلتفتْ إلى قولهم، ومضى في مئة رجل من مَواليه، وقد بعث عبدُ الملك إلى بني مَرْوان فاجتَمَعوا عندَه، فلمَّا بلغ عبد الملك أنَّه بالباب أمر أن يُحبَس من كان معه، وأذن له فدخل، ولم تزل أصحابُه يُحْبَسون عند كلّ باب حتى دخل عمرٌو قاعة الدّار، وما معه إلّا وصيف له، فرَمى عمروٌ ببصره نحوَ عبد الملك، فإذا حوله بنو مروان، وفيهم حسَّان بنُ مالك بن بَحْدل الكلبيّ وقبيصة بن ذُؤيب الخُزاعي، فلما رأى جماعتَهم، أحسَّ بالشرّ؛ فالتفت إلى وصيفهِ فقال: انطلِق ويْحَك إلى يَحيى بنِ سعيد، فقل له يأتيني. فقال له الوصيف ولم يَفهَم ما قال له: لبّيك! فقال له: اغْرُب عنّي في حرقِ الله ونارِه. وقال عبدُ الملك لحسَّان وقبيصة إذا شئتما فقُومَا فالتَقِيا وعمرًا في الدار، فقال عبدُ الملك لهما كالمازح ليطمئنّ عمرو بن سعيد: أيّكما أطولُ؟ فقال حسَّان: قَبيصةُ يا أمير المؤمنين أطولُ مني بالإمرة، وكان قبيصةُ على الخاتم، ثمّ التفت عمرو إلى وصِيفه فقال: انطلِقْ إلى يحيى فمُرْه أن يأتيَني، فقال له: لبَّيك، ولم يفهم عنه، فقال له عمرو: اغْرُب عني، فلمَّا خرج حسَّان وقبيصة أمَر بالأبواب فغلقتْ، ودخل عمرو فرحّب به عبدُ الملك، وقال: هاهنا يا أبا أميَّة، يَرحمك الله! فأجلسَه معه على السَّرير، وجعل يحدّثه طويلًا، ثم قال: يا غلام، خذ السّيف عنه، فقال عمرو: إنَّا لله يا أميرَ المؤمنين! فقال عبدُ الملك: أَو تطْمع أن تَجلِس معي متقلّدًا سيفَك! فأخذ السيف عنه، ثمّ تحدَّثَا ما شاء الله، ثمّ قال له عبدُ الملك: يا أبا أميَّه؛ قال: لبَّيْك يا أمير المؤمنين؛ فقال: إنَّك حيث خلعتَني آليتُ بيمين إنْ أنا ملأتُ عيني منك وأنا مالِكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>