وضرب عبدٌ لعَمْرو بن سعيد يقال له مصْقَلة الوليدَ بن عبد الملك ضربةً على رأسه، واحتمَله إبراهيمُ بنُ عربيّ صاحبُ الديوان فأدخله بيت القراطيس، ودخل عبدُ الملك حين صلَّى فوجد عمرًا حيًّا، فقال لعبد العزيز: ما منعك من أن تَقتُله! قال: مَنَعني أنَّه ناشدني الله والرّحِمَ فرقَقْتُ له، فقال له عبدُ الملك: أخزَى الله أمَّكَ البَوّالة على عَقِبيْها، فإنَّك لم تُشبه غيرَها - وأمّ عبد الملك عائشةُ بنتُ معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أميَّة، وكانت أمّ عبد العزيز ليلى، وذلك قول ابن الرُّقَيّات:
ثم إنّ عبد الملك قال: يا غلام، ائتِني بالحَرْبة فأتاه بالحَرْبة فهَزّها، ثمّ طعنه بها فلم تَجُز، ثمّ ثَنَّى فلم تَجُز، فضرب بيَده إلى عَضُد عمرو، فوَجَد مسّ الدِّرْع، فضحك، ثمّ قال: ودارعٌ أيضًا يا أبا أميَّة! إن كنت لمعدًّا! يا غلام، ائتني بالصَّمصامة، فأتاه بسَيفة، ثمّ أمر بَعمْرو فصرع، وجَلَس على صدرِه فذَبَحه وهو يقول:
يا عمرو إن لا تَدعْ شَتْمِي ومَنْقَصتي ... أَضرِبْك حيثُ تقولُ الهَامةُ اسقُونِي
وانَتفَض عبدُ الملك رِعْدةً - وكذلك الرجلُ زعموا يُصيبُه إذا قَتَلَ ذا قَرابة له - فحُمل عبُد الملك عن صدرِه فُوضع على سريره، فقال: ما رأيتُ مِثلَ هذا قطّ، قتله صاحبُ دُنْيا ولا طالبُ آخرة، ودخل يحيى بنُ سعيد ومن معه على بني مرْوان الدارَ فجرّحوهم ومن كان معهم من موالِيهم، فقاتَلَوا يحيى وأصحابَه، وجاء عبدُ الرحمن بنُ أمّ الحَكَم الثَّقَفي فدَفَع إليه الرأس، فألقاه إلى النَّاس، وقام عبدُ العزيز بنُ مَروان فأخَذَ المال في البدور، فجعل يُلقِيها إلى الناس، فلمَّا نظر الناسُ إلى الأموال، ورأوا الرأسَ انتَهبُوا الأموالَ وتفرّقوا، وقد قيل: إنّ عبدَ الملك بن مروانَ لمَّا خرج إلى الصّلاة أمر غلامَه أبا الزُّعَيْزعَةِ بقتلِ عمرو، فقَتَله وألقَى رأسَه إلى النَّاس وإلى أصحابه. (١/ ١٤٤ - ١٤٥).
قال هشام: قال عَوانةُ: فحدّثتُ أنّ عبد الملك أمرَ بتلك الأموال التي طُرحتْ إلى الناس فجُبيَتْ حتَّى عادت كلّها إلى بيت المال، ورُمِي يحيى بنُ سعيد يومئذ في رأسه بصخرة، وأمر عبدُ الملك بسريرِه فأبرز إلى المسجد، وخرج فجلس عليه، وفُقِد الوليد بن عبد الملك فجعل يقول: ويْحَكم! أين الوليد! وأبيهمْ لئن