للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا قتلوه لقد أدْرَكوا ثأرَهم، فأتاه إبراهيمُ بن عربيّ الكِنانيّ فقال: هذا الوليد عندي، قد أصابتْه جِراحة، وليس عليه بأس، فأتِيَ عبدُ الملك بيحيى بن سعيد، فأمر به أن يُقتل فقام إليه عبدُ العزيز، فقال: جَعلَني الله فِداك يا أميرَ المؤمنين! أتُراك قاتلًا بني أميَّة في يوم واحد! فأمر بيحيى فحُبِس، ثم أتى بعَنبسَة بن سعيد، فأمر به أن يقتَل، فقام إليه عبد العزيز فقال: أذكّرك الله يا أميرَ المؤمنين في استئصال بني أمَّية وهلاكِها! فأمر بعنبسة فحبس، ثمّ أتِيَ بعامر بن الأسود الكلبيّ فضرب رأسَه عبدُ الملك بقَضِيب خَيْزُران كان معه، ثم قال: أتقاتلني مع عمرو وتكون معه عليّ! قال: نعم، لأنّ عَمرًا أكرَمني وأهنتَني، وأدناني وأقصيتني، وقرّبني وأبعدْتني، وأحسن إليَّ وأسأتَ إليّ، فكنتُ معه عليك، فأمر به عبدُ الملك أن يُقتَل، فقام عبدُ العزيز فقال: أذكركَ الله يا أمير المؤمنين في خالي! فوهَبه له، وأمر ببني سعيد فحُبسوا ومكث يحيى في الحَبْس شهرًا أو أكثر، ثمّ إنّ عبد الملك صَعِد المنبر، فحمِد الله وأثنَى عليه، ثم استشار الناس في قتله، فقام بعضُ خطباء الناس فقال: يا أميرَ المؤمنين، هل تلد الحيَّةُ إلّا حيَّة! نرى والله أن تَقتُله فإنَّه منافق عدوّ، ثمّ قام عبدُ الله بن مَسعَدةَ الفزاريّ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنّ يحيى ابنُ عمِّك، وقرابتُه ما قد علِمت، وقد صنعوا ما صنعوا، وصنعتَ بهم ما قد صنعتَ، ولست لهم بآمِن، ولا أرَى لك قتلهم، ولكن سيِّرهم إلى عدوّك، فإن هم قُتِلوا كنتَ قد كُفيت أمرهم بيَدِ غيرك، وإن هم سَلِموا ورجعوا رأيتَ فيهم رأيك.

فأخذ برأيه، وأخرَج آل سعيد فألحقَهم بمُصعَب بن الزبير، فلمَّا قدِموا عليه دخل يحيى بنُ سعيد، فقال له ابن الزبير: انفلتَّ وانحصّ الذنَب، فقال: والله إن الذنَب لَبِهُلْبِه، ثمّ إنّ عبد الملك بعث إلى امرأةِ عمرو الكلبيَّة: ابعثي إليّ بالصّلح الَّذي كنتُ كتبته لعمرو، فقالت لرسوله: ارجع إليه فأعلِمْه أني قد لففتُ ذلك الصلحَ معه في أكفانِه ليُخاصِمك به عند ربِّه، وكان عمرو بن سعيد وعبدُ الملك يلتقيان في النَّسب إلى أميَّة، وكانت أمّ عمرو أمّ البنين ابنةُ الحَكَم بنِ أبي العاص عمَّةَ عبد الملك (١). (٦/ ١٤٥ - ١٤٧).


(١) في إسنادها هشام بن محمد الكلبي الكذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>