للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنقَها، ثمّ زعموا أنه لَحِق بالبَصرة، فرآه آلُ منذر فقالوا: واللهِ ما ندري أنحْمَدُك أم نذُمّك! فكان يقول: ما فعلتُه إلّا غيْرة وحمِيّة، وجاء عبدُ العزيز حتى انتهى إلى رامَهُرُمُز، وأتى المهلّب فأخبر به، فبعث إليه شيخًا من أشْياخ قومه كان أحدَ فُرْسانه، فقال: ائته فإن كان منهزمًا فعَزّهِ وأخبره أنه لم يَفعَل شيئًا لم يَفعَله الناسُ قبَلَه، وأخبره أنّ الجنود تأتيه عادلًا، ثم يُعزّه الله ويَنصُره، فأتاه ذلك الرجل، فوجدوه نازلًا في نحو من ثلاثين رجلًا كئيبًا حزينًا، فسلم عليه الأزْديّ، وأخبره أنه رسول المهلّب، وبلّغه ما أمَره به، وعرض عليه أن يذكر له ما كانت له من حاجة، ثمّ انصرف إلى المهلب فأخبره الخبر، فقال له المهلب: الحق الآنَ بخالد بالبصرة فأخبرْه الخبر، فقال: أنا آتيه أخبرُه أنّ أخاه هُزِم! والله لا آتيه، فقال المهلّب: لا والله لا يأتيه غيرُك، أنت الذي عاينتَه ورأيته، وأنت كنتَ رسولي إليه، قال: هو إذًا بِهديك يا مهلّب أن ذهبَ إليه العامَ، ثمّ خرج، قال المهلّب: أما أنت والله فإنك لي آمن. أمَّا والله لو أنك مع غيري، ثمّ أرسلك على رجليك خرجت تشتد! قال له وأقبَل عليه: كأنك إنما تمنّ علينا بحِلْمك! فنحن والله نكافئكَ بل نزيد؛ أما تعلَم أنا نُعرّضِ أنفسنا للقتل دُونَك، ونحميك من عدوّك! ولو كنا والله مع من يَجهَل علينا، ويَبعثنا في حاجاته على أرْجُلِنا، ثمّ احتاج إلى قتالنا ونُصْرتنا جعلناه بينَنا وبين عدوّنا، ووقينا به أنفسنا، قال له المهلب: صدقتَ صدقتَ. ثمّ دعا فتىً من الأزْد كان معه فسرَّحه إلى خالد يخبِره خبر أخيه، فأتاه الفتى الأزديّ وحوله الناسُ وعليه جُبّةٌ خضراء ومُطرَفٌ أخضَر، فسلم عليه، فردّ عليه، فقال: ما جاءَ بك؟ قال: أصلحك الله! أرسلني إليك المهلب لأخبرَك خبرَ ما عاينتُه، قال: وما عاينتَ؟ قال: رأيت عبدَ العزيز برامَهُرمُز مهزومًا، قال: كذبت، قال: لا، والله ما كذبتُ، وما قلتُ لك إلا الحقّ، فإن كنتُ كاذبًا فاضربْ عُنقي، وإن كنتُ صادقًا فأعطِني أصلحك الله جُبتَك ومُطرفَك، قال: وَيْحَك! ما أيسَر ما سألت، ولقد رضيت مع الخطر العظيم إن كنت كاذبًا بالخطر الصَّغير إن كنت صادقًا، فحَبَسه وأمر بالإحسان إليه حتى تبيّنتْ له هزيمةُ القوم، فكَتَب إلى عبد الملك:

أما بعد، فإني أخبر أميرَ المؤمنين أكرمه الله أني بعثتُ عبدَ العزيز بنَ عبد الله في طلب الخوارج، وأنّهم لقُوه بفارِسَ، فاقتَتَلوا قتالًا شديدًا، فانهزم

<<  <  ج: ص:  >  >>