بك منّا أحدًا، وإن أردت تأخيرَ ذلك اليوم أعلَمْتني؛ فإنّ الآجال غادية ورائحة، ولا آمَن أن تختَرمَني المنيّةُ ولما أجاهِد الظالمين.
فيا لَه غَبْنًا، ويا لَه فَضْلًا متروكًا! جَعَلَنا الله وإيّاك ممن يريد بعَملِه اللهَ ورضوانَه، والنظر إلى وجهه، ومرافقة الصالحين في دار السلام، والسلام عليك.
قال: فلما قَدِم على صالح المحلّل بن وائل بذلك الكتابِ من شبيب كتب إليه صالح:
أما بعد: فقد كان كتابُك وخبرُك أبطأ اعني حتى أهمَّني ذلك، ثمّ إنّ امرأً من المسلمين نبّأني بنبأ مُخرجِك ومقدَمك، فنَحمدُ الله على قضاء ربّنا، وقد قَدِم عليَّ رسولُك بكتابك، فكلّ ما فيه قد فهمتُه، ونحن في جهاز واستعداد للخروج، ولم يمنعْني من الخروج إلا انتظارك، فأقبِل إلينا، ثمّ اخرج بنا متى ما أحبَبْت، فإنك ممن لا يُستغنَى عن رأيه، ولا تُقَضى دونَه الأمور، والسلام عليك.
فلما قَدِم على شبيب كتابُه بعث إلى نفر من أصحابه فجمعهم إليه، منهم أخوه مصاد بن يزيد بن نُعيم، والمحلل بن وائل اليَشْكُري، والصقر بن حاتم من بني تَيم بن شيبان، وإبراهيم بن حجر أبو الصُّقير من بني مُحْلَم، والفضل بنُ عامر من بني ذُهْل بن شَيْبان، ثمَّ خرج حتى قَدِم على صالح بن مسرّح بِدارَا، فلمّا لقَيه قال: اخرُج بنا رحمك الله! فواللهِ ما تزداد السنَّة إلا دُروسًا، ولا يَزداد المجرمون إلّا طُغْيانًا، فبثّ صالحٌ رسله في أصحابه، وواعدهم الخروج في هلال صفر ليلة الأربعاء سنة ستٍّ وسبعين، فاجتمع بعضُهم إلى بعض، وتهيَّؤوا وتيسروا للخروج في تلك اللَّيلة، واجتمعوا جميعًا عنده في تلك الليلة لِميعاده (١). (٦/ ٢١٨ - ٢١٩).
قال أبو مخنف: فحدّثني فَرْوة بن لقيط الأزْديّ، قال: والله إني لَمَع شبيب بالمَدائن إذْ حدّثنا عن مخرجهم، قال: لما هممنا بالخروج اجتمعْنا إلى صالح بن مسرّح ليلة خرج، فكان رأيي استعراضُ الناس لِمَا رأيتُ من المنكر والعدوان