رجل، فكان أول جيش سار إلى صالح وسار إليه عديّ، وكأنَّما يساق إلى الموت، وكان عديّ رجلًا يتنسّك، فأقبَل حتى إذا نزل دوْغانَ نزل بالنَّاس وسرّح إلى صالح بنِ مسرّح رجلًا دَسَّهُ إليه من بني خالد من بني الوِرْثة، يقال له: زِياد بن عبد الله، فقال: إنّ عديًّا بَعثَني إليك يسألُك أن تخرج من هذا البلد وتأتيَ بلدًا آخر فتُقاتِلَ أهلَه؛ فإنّ عديًّا للِقائك كاره، فقال له صالح: ارجع إليه، فقل له: إن كنتَ ترى رأينا فأرِنا من ذلك ما نَعرِف، ثمَّ نحن مُدلجون عنك من هذا البلد إلى غيره، وإن كنتَ على رأي الجبابرة وأئمة السَّوء رأيْنا رأينا، فإن شئنا بدأنا بك، وإن شئنا رحلنا إلى غيرِك. فانصرف إليه الرسولُ فأبلَغه ما أرسِل به، فقال له: ارجعْ إليه فقل له: إني واللهِ ما أنا على رأيك، ولكني أكره قتالَك، وقتال غيرك، فقاتِلْ غيري، فقال صالح لأصحابه: ارْكبوا فَرَكبوا وحَبَس الرجلَ عنده حتى خرجوا، ثمّ تركه ومضى بأصحابه حتى يأتيَ عديّ بن عديّ بن عميرة في سُوقِ دَوغان هو قائمٌ يصلّي الضّحى، فلم يَشعرُ إلّا والخيل طالعة عليهم، فلما بَصُروا بها تنادوا، وجعل صالحٌ شبيبًا في كَتِيبة في ميمنة أصحابه، وبعث سويد بن سليم الهنديّ، من بني شيبان في كتيبة في ميسرةِ أصحابه، ووقَف هو في كَتيبة في القَلْب، فلما دنا منهم رآهم على غير تعبِية، وبعضهم يجول في بعض، فأمرَ شبيبًا فحمل عليهم، ثمّ حمل سويد عليهم فكانت هزيمتهم ولم يُقاتلوا، وأتِيَ عديّ بن عديّ بدابَّته وهو يصلِّي فركبها ومضى على وجهِه، وجاء صالحُ بنُ مسرّح حتى نزل عسكره وحوى ما فيه، وذهب فلُّ عَدِيّ وأوائلُ أصحابِه حتى دخلوا على محمَّد بن مروان، فغَضِبَ ثم دعا خالدَ بن جَزْء السُّلَمِيّ فبعثه في ألف وخمسمِئة، ودعا الحارث بنَ جَعْونَة من بني ربيعة بن عامر بن صعَصْعة فَبعثه في ألف وخمسمئة، ودعاهما، فقال: اُخرُجا إلى هذه الخارجة القليلة الخبيثة، وعجِّلا الخروج، وأغِذّا السيْر، فأيّكما سبق فهو الأمير على صاحبه؛ فخرجا من عنده فأغَذّا السير، وجعلَا يسألان عن صالح بن مسرّح فيقال لهما: إنّه توجّه نحو آمِدَ، فأتبعاه حتى انتهيا إليه، وقد نزل على أهل آمد، فنزلا ليلًا، فخندَقا وانتهيَا إليه وهما متساندانِ كلّ واحد منهما في أصحابه، على حدته، فوجّه صالح شَبيبًا إلى الحارث بن جَعْونة العامريّ في شطر أصحابه، وتوجّه هو