للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو خالد بن جَزْء السُّلَميّ (١). (٦/ ٢١٩ - ٢٢١).

قال أبو مخنف: فحدّثني المُحَلّميّ، قال: انتهوا إلينا في أوّل وقت العصر، فصلّى بنا صالح العصر، ثمّ عبّانا لهم فاقتتلْنا كأشدِّ قتال اقتتله قومٌ قطّ، وجعلنا والله نرى الظفر يحمل الرجل منّا على العشرة منهم فيهزمهم، وعلى العشرين فكذلك، وجعلتْ خيلهم لا تَثبت لخَيلنا.

فلما رأى أميراهُم ذلك ترجّلا وأمرا جُلّ من معهما فترجّل، فعند ذلك جعلنا لا نَقدر منهم على الذِي نريد، إذا حَمَلْنا عليهم استقبلتْنا رجّالَتهم بالرّماح، ونضحتنا رماتُهم بالنَّبل، وخيلُهم تُطاردنا في خلال ذلك، فقاتلناهم إلى المَساء حتى حالَ الليلُ بيننا وبينهم، وقد أفشَوْا فينا الجراحة، وأفشيْناها فيهم، وقد قتلوا منا نحوًا من ثلاثين رجُلًا، وقتلْنا منهم أكثرَ من سبعين، ووالله ما أمسينا حتى كرهناهم وكرهونا، فوقفْنا مُقابِلَهم ما تقْدمون علينا وما نَقدُم عليهم، فلما أمسوا رجعوا إلى عسكرهم، ورجعْنا إلى عسكرنا فصلّينا وتروّحْنا وأكلنا من الكِسَر.

ثمّ إنّ صالحًا دعا شبيبًا ورؤوسَ أصحابِه فقال: يا أخلّائي، ماذا ترون؟ فقال شبيب: أرَى أنَّا قد لقينا هؤلاء القومَ فقاتلناهم، وقد اعتَصموا بخندقهم، فلا أرى أن نقيم عليهم، فقال صالح: وأنا أرى ذلك، فخرجوا من تحت ليلتِهم سائرين، فمضوا حتى قطعوا أرض الجزيرة، ثمّ دخلوا أرضَ الموصِل فساروا فيها حتى قطعوها ومضَوا حتى قطعوا الدّسْكرةَ.

فلما بلغ ذلك الحجّاج سرّح إليهم الحارث بنَ عميرة بن ذي المِشعار الهَمْدانيّ في ثلاثة آلاف رجل من أهل الكوفة، ألف من المقاتلة الأولى، وألفَين من الفَرْض الذي فرض لهم الحجّاج، فسار حتى إذا دنا من الدَّسْكرة خرج صالح بن مسرّح نحو جَلولاءَ وخانِقين، وأتبعه الحارثُ بن عميرةَ حتى انتهى إلى قرية يقال لها المدبّج من أرض الموصِل على تُخومِ ما بينها وبين أرض جُوخى، وصالح يومئذ في تسعين رجلًا، فعبّى الحارث بن عميرة، يومئذ أصحابه، وجعل على ميمنته أبا الرّوّاغ الشاكريّ، وعلى ميسرَته الزّبير بن الأروَح


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>