ومَضوا حتى مرّوا بالجحَّاف بن نبيط الشَّيْبانيّ من رَهْط حَوْشب، فقال له سويد: انزلْ إلينا، فقال له: ما تَصنع بنُزولي! قال له سويد: أقضِيك ثمنَ البكرةِ الَّتي كنتُ ابتعتُ منك بالبادية، فقال له الجحّاف: بئس ساعةُ القضاء هذه الساعة، وبئس قَضاءُ الدَّين هذا المكان! أما ذكرتَ أمانتَك إلا واللَّيل مظلم، وأنت على ظهر فرسِك! قبَّح الله يا سويد دينًا لا يَصلُح ولا يتمّ إلا بقتل ذوي القَرابة وسفك دماء هذه الأمَّة.
قال: ثمّ مضوا فمرّوا بمسجد بني ذُهْل فلقوا ذُهَل بن الحارث، وكان يصلِّي في مسجد قومه فيُطيلُ الصلاة، فصادفوه منصرفًا إلى منزله، فشدّوا عليه ليقتلُوه، فقال: اللهمَّ إني أشكو إليك هؤلاء وظلمَهم وجهلَهم. اللَّهمَّ إني عنهم ضعيف، فانتصرْ لي منهم! فضربوه حتَّى قتلوه، ثمَّ مضَوا حتَّى خرجوا من الكوفة متوجّهين نحو المردَمة (١). (٦/ ٢٣٩ - ٢٤١).
قال هِشام: قال أبو بكر بنُ عيَّاش: واستقبله النَّضرُ بنُ قَعقَاع بن شوْر الذّهْليّ، وأمّه ناجية بنت هانيء بن قَبيصة بن هانيء الشَّيبانيّ فأبطَره حين نظر إليه - قال: يعني بقوله: "أبطَرَه" أفزعه - فقال: السلام عليكَ أيّها الأمير ورحمة الله؛ قال له سويد مبادرًا: أميرَ المؤمنين، وَيْلكَ!
فقال: أمير المؤمنين، حتَّى خرجوا من الكوفة متوجِّهين نحو المردمة، وأمر الحجّاج المناديَ فنادَى: يا خيلَ الله ارْكبي وأبْشِري، وهو فوق بابِ القَصْر، وثَمَّ مصباحٌ مع غلام له قائم، فكان أوّل من جاء إليه من الناس عثمان بن قَطَن بن عبد الله بن الحصين ذي الغُصّة، ومعه مواليه، وناس من أهله، فقال: أنا عثمان بن قَطَن، أعلموا الأمير مكاني، فليأمر بأمره، فقال له ذلك الغلام: قفْ مكانك حتَّى يأتيَك أمرُ الأمير، وجاء الناسُ من كلّ جانب، وبات عثمانُ فيمن اجتمع إليه من الناس حتَّى أصبح.
ثمّ إن الحجَّاج بعث بُسْرَ بن غالب الأسَديّ من بني والبة في ألفي رجل، وزائدة بن قدامةَ الثقفيَّ في ألفَيْ رجل، وأبا الضريس، مولى بني تميم في ألف من الموالي، وأعيَن - صاحب حمَّام أعيَن مَولى بِشْر بن مروان - في ألف رجل،