للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا عبادَ الله، أنتم الكثيرون الطيّبون، وقد نزل بكم القليلون الخبيثون، فاصبروا - جُعِلت لكم الفِداء - لكرّتَين أو ثلاث تكرّون عليهم، ثم هو النَّصر ليس بينه حاجز ولا دونه شيء، ألا تروْن إليهم والله ما يكونون مئتي رجل، إنَّما هم أكَلَة رأس إنَّما هم السّرّاق المُرّاق، إنَّما جاؤوكم ليُهَرِيقوا دماءكم، ويأخذوا فَيئَكم، فلا يكونوا على أخذه أقوَى منكم على مَنْعه، وهم قليل وأنتم كثير، وهم أهلُ فُرْقة وأنتم أهلُ جَماعة، غضوا الأبصار، واستقبلوهم بالأسِنَّة، ولا تَحملوا عليهم حتى آمركم، ثمّ انصرف إلى مَوْقفه.

قال: ويَحْمِل سُوَيد بنُ سليم على زياد بن عمرو، فانكشف صَفُّهم، وثبَت زياد في نحو من نصف أصحابه، ثمّ ارتفع عنهم سُوَيد قليلًا، ثم كرّ عليهم ثانيةً، ثمّ اطَّعنوا ساعة (١). (٦/ ٢٤٤ - ٢٤٥).

قال أبو مخنَف: فحدّثني فروة بن لقيط، قال: أنا والله فيهم يومئذ، قال: اطَّعَنَّا ساعةً وصبروا لنا حتَّى ظننتُ أنَّهم لن يزولوا، وقاتل زياد بنُ عمرو قتالًا شديدًا، وجعل ينادي: يا خيلي، ويشُدّ بالسيف فيقاتِل قتالًا شديدًا، فلقد رأيتُ سويدَ بن سليم يومئذ وإنَّه لأشجع العرب وأشدّه قتالًا، وما يُعرض له، قال: ثمّ إنا ارتفَعْنا عنهم آخِرًا فإذا هم يتقوّضون، فقال له أصحابه: ألا تراهم يتقوّضون! احْمِل عليهم، فقال لهم شبيب: خلّوهم حتَّى يَخِفّوا، فتركُوهم قليلًا، ثم حمل عليهم الثالثة فانهزموا، فنظرت إلى زياد بن عمرو وإنَّه ليُضَرب بالسيف، وما مِن سيف يُضْرَب به إلا نبا عنه وهو مجفَّف، ولقد رأيته اعتوره أكثرُ من عشرين سيفًا فما ضَرّه، من ذلك شيء، ثمّ إنه انهزم وقد جُرِح جراحةً يسيرة، وذلك عند المساء.

قال: ثمّ شدَدْنا على عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فهزمناه، وما قاتَلنَا كثيرَ قتال، وقد ضارب ساعةً، وقد بلغني أنه كان جُرح ثمّ لحق بزياد بن عمرو، فمضينا منهزمين حتى انتهينا إلى محمد بن موسى بن طلحة، عند المغرب، فقاتلنا قتالًا شديدًا وصبر لنا (٢). (٦/ ٢٤٥).


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>