للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر هشامٌ عن أبي مِخنَف، قال: حدّثني عبد الرحمن بن جندَب وفروة بن لقيط، أن أخا شبيب مصادًا حمل على بِشْر بن غالب وهو في الميسرة؛ فأبْلَى وكرم والله وصبر، فنزل ونزل معه رجالٌ من أهل الصَّبر نحوٌ من خمسين، فضاربُوا بأسيافهم حتَّى قُتِلوا عن آخرِهم وكان فيهم عروةُ بن زهير بن ناجذ الأزديّ، وأمه زارة امرأة ولدتْ في الأزْد، فيقال لهم بنو زارة، فلمَّا قَتلوه وانهزم أصحابُه مالُوا فشدّوا على أبي الضُّرَيْس مولى بني تميم، وهو يلي بشِر بن غالب، فهزموه حتى انتهى إلى موقف أعْيَن، ثمّ شدوا عليه وعلى أعْيَن جميعًا فهزموهما حتى انتهوا بهما إلى زائدةَ بن قدامة، فلمَّا انتهَوا إليه نزل ونادى: يا أهل الإسلام، الأرض الأرض، إليّ إليّ! لا يكوثوا على كُفْرهم أصبر منكم على إيمانكم، فقاتلهم عامَّة الليل حتَّى كان السَّحَر، ثم إنّ شبيبًا شدّ عليه في جماعة من أصحابه فقتَله وأصحابه وتركهم رِبضة حوله من أهل الحفاظ (١) (٦/ ٢٤٦).

قال أبو مخنف: وحدّثني عبد الرحمن بن جندب قال: سمعتُ زائدةَ بن قدامة ليلتئذ رافعًا صوتَه يقول: يا أيها الناس، اصبروا وصابِروا، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. ثمّ والله ما بَرح يقاتلُهم مقبلًا غيرَ مدبر حتَّى قُتِل (٢). (٦/ ٢٤٦).

قال أبو مخنَف: وحدّثني فروة بنُ لَقيط أنّ أبا الصُّقَيْر الشَّيبانيّ ذكر أنه قَتَل زائدة بن قدامة، وقد حاجَّه في ذلك آخر يقال له الفَضل بن عامر، قال: ولمَّا قَتَل شبيبٌ زائدةَ بنَ قدامة دخل أبو الضُّرَيس وأعيَن جَوْسَقًا عظيمًا، وقال شبيب لأصحابه: ارفَعوا السيف عن الناس وادعوهم إلى البَيْعة، فدَعَوْهم إلى البيعة عند الفَجْر.

قال عبدُ الرحمن بن جُنْدَب: فكنتُ فيمن قدم إليه فبايعه وهو واقفٌ على فرس وخيلَه واقِفة دونه، فكلّ من جاء ليبايِعه نُزع سيفُه عن عاتقِه، وأخِذ سلاحُه منه، ثم يُدْنَى من شبيب فيسلّم عليه بإمرة المؤمنين، ثم يخلَّى سبيله. قال: وإنَّا


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>