للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحجَّاج: ائذنْ لي في قتالهم فإني مَوْتور، وأنا ممَّن لا يُتَّهم في نصيحة، قال: فإني قد أذنْت لك، قال: فإني آتيهم من ورائهم حتَّى أغيرَ على عسكرهم؛ فقال له: افعل ما بدا لك، قال: فخرج مغه بعصابة من أهل الكوفة حتَّى دخل عسكرَهم من ورائهم، فقتل مصَادًا أخا شَبيب، وقتل غزالة امرأته، قتلها فروة بن الدَّقَّان الكلبيّ، وحرّق في عسكره، وأتَى ذلك الخبرُ الحَجَّاج وشبيبًا، فأمَّا الحجَّاج وأصحابه، فكبَّروا تكبيرة واحدة، وأمَّا شبيب فوثب هو وكلّ راجل معه على خيولهم، وقال الحجّاج لأهل الشام: شُدّوا عليهم فإنَّه قد أتاهم ما أرعب قلوبَهم، فشَدّوا عليهم فهزموهم، وتَخلَّف شبيب في حامِيَة الناس (١). (٦/ ٢٧٠ - ٢٧١).

قال هشام: فحدّثني أصغر الخارجيّ، قال: حدّثني من كان مع شبيب قال: لما انهزم الناسُ فخرج من الجسْر تَبِعه خيل الحجَّاج، قال: فجعل يَخفِق برأسِه، فقلت: يا أمير المؤمنين، التَفِت فانظرْ من خَلفَك؛ قال: فالتفت غير مكترث، ثمّ أكبّ يخفِق برأسه؛ قال: ودنَوا منَّا؛ فقلنا: يا أمير المؤمنين، قد دنوا منك، قال: فالتفت والله غيرَ مكترِث، ثمّ جعل يخفق برأسه. قال: فبعث الحجَّاج إلى خيله أن دعوه في حرق الله ونارِه، فتركوه ورجعوا. (٦/ ٢٧١).

قال هشام: قال أبو مخنَف: حدّثني أبو عمرو العذريّ، قال: قَطَع شبيب الجِسْر حين عَبَر، قال: وقال لي فَرْوة: كنتُ معه حين انهزمْنا فما حَرّك الجسر، ولا اتّبعونا حتَّى قَطَعنَا الجِسر، ودخل الحجَّاج الكُوفة، ثمَّ صَعِد المِنبرَ فَحَمِد الله، ثمّ قال: واللهِ ما قُوتِل شبيب قبلها مثلها، وَلَّى واللهِ هاربًا، وترك امرأته يكسر في استها القصب (٢). (٦/ ٢٧١ - ٢٧٢).

رجع الحديث إلى حديثِ أبي مِخنَف، عن أبي عَمرو العُذْريّ: أن الحجَّاج دخل الكوفةَ حين انهزمَ شبيب، ثم صعِد المنبر، فقال: واللهِ ما قُوتِل شَبيب قطّ قبلَها مثِلَها، وَلَّى واللهِ هاربًا، وترك امرأته يُكسرَ في استها القصب. ثمّ دعا حبيب بن عبد الرحمن الحكميّ فبعثه في أثره في ثلاثة آلاف من أهل الشام، فقال


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>