للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الزُّبير بن بَكّار، قال: حدثني مبارك الطبريّ، قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول للمهديّ: لا تبرِم أمرًا حتَّى تفكّر فيه؛ فإنّ فكر العاقل مرآته، تريه حسنه وسيّئه.

وذكر الزُّبير أيضًا، عن مصعب بن عبد الله، عن أبيه، قال: سمعت أبا جعفر المنصور يقول للمهديّ: يا أبا عبد الله؛ لا يصلح السلطانُ إلّا بالتقوى، ولا تصلح رعيَّته إلَّا بالطاعة، ولا تعمّر البلاد بمثل العدل، ولا تدوم نعمة السلطان وطاعته إلَّا بالمال، ولا تَقْدُمُ في الحياطة بمثل نقل الأخبار.

وأقدرُ النَّاس على العفو أقدرهم على العقوبة، وأعجز النَّاس مَنْ ظلم مَن هو دونه. واعتبر عملَ صاحبك وعلمَه باختباره.

وعن المبارك الطبريّ أنَّه سمع أبا عبيد الله يقول: سمعتُ المنصور يقول للمهديّ: يا أبا عبد الله، لا تجلس مجلسًا إلَّا ومعك من أهل العلم مَن يحدّثك؛ فإن محمَّد بن شهاب الزُّهريّ قال: الحديث ذكَر ولا يحبّه إلَّا ذُكور الرجال، ولا يُبغضه إلّا مؤنثوهم؛ وصَدَقَ أخو زُهْرة! (١).

وذُكِر عن عليّ بن مجاهد بن محمَّد بن عليّ، أن المنصور قال للمهديّ: يا أبا عبد الله، مَنْ أحبَّ الحمد أحسن السيرة، ومن أبغض الحمد أساءها، وما أبغض أحدً الحمد إلَّا استذمّ، وما استذمّ إلّا كرِه.

وقال المبارك الطبريّ: سمعت أبا عبيد الله يقول: قال المنصور للمهديّ: يا أبا عبد الله، ليس العاقلُ الذي يحتال للأمر الذي وقع فيه حتَّى يخرج منه؛ ولكنه الّذي يحتال للأمر الذي غشيَه حتَّى لا يقع فيه.

وذكر الفقيميّ، عن عتبة بن هارون، قال: قال أبو جعفر يومًا للمهديّ: كم راية عندك؟ قال: لا أدري، قال: هذا والله التَّضييع؛ أنت لأمر الخلافة أشدُّ تضييعًا؛ ولكن قد جمعتُ لك ما لا يضرّك معه ما ضيَّعتَ؛ فاتق الله فيما خوّلك (٢).


(١) البداية والنهاية [٨/ ٧٥].
(٢) المصدر السابق [٨/ ٧٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>