للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منتوفًا - فأبلغه، فضحك، وقال: قاتله الله ما أدهاه وأخبثه!

وقال موسى بن صالح: حدّثني محمَّد بن عقبة الصيداوي عن نصر بن حرب - وكان في حرس أبي جعفر - قال: رُفع إليّ رجلٌ قد جيء به من بعض الآفاق، قد سعى في فساد الدولة، فأدخلته على أبي جعفر، فلما رآه قال: أصْبَغ! قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ويلك! أما أعتقتُك وأحسنتُ إليك! قال: بلى، قال: فسعيتَ في نقضِ دولتي وإفساد ملكي! قال: أخطأتُ وأمير المؤمنين أولى بالعفو. قال: فدعا أبو جعفر عُمارة - وكان حاضرًا - فقال: يا عُمارة؛ هذا أصبَغ، فجعل يتثبَّت في وجهي، وكأنّ في عينيه سوءًا، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: عليّ بكيس عطائي، فأتِيَ بكيس فيه خمسمائة درهم، فقال: خذها فإنَّها وَضَحٌ، ويلك، وعليك بعملك - وأشار بيده يحرّكها - قال عُمارة: فقلت لأصبغ: ما كان عَنَى أمير المؤمنين؟ قال: كنتُ وأنا غلام أعمل الحِبال، فكان يأكل من كسبي. قال نصر: ثم أتِيَ به ثانية، فأدخلته كما أدخلتُه قبلُ، فلما وقف بين يديه أحدَّ النظر إليه، ثم قال: أصبغ! فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فقصّ عليه ما فعل به، وذكره إياه، فأقرّ به، وقال: الحمق يا أمير المؤمنين؛ فقدمه فضرب عنقه.

وذكر عليّ بن محمَّد بن سليمان النوفليّ، قال: حدّثني أبي، قال: كان خِضاب المنصور زَعفرانيًّا، وذلك أن شعره كان ليِّنًا لا يقبل الخطاب، وكانت لحيته رقيقة؛ فكنت أراه على المنبر يخطُب ويبكي فيسرع الدمع على لحيته حتَّى تَكِفَ لقلة الشعر ولِينه.

وذكر إبراهيم بن عبد السَّلام، ابن أخي السنديّ بن شاهك السنديّ، قال: ظفِر المنصور برجل من كبراء بني أميَّة، فقال: إنِّي أسألك من أشياء فاصدُقني ولك الأمان، قال: نعم، فقال له المنصور: منْ أينَ أُتِيَ بنو أميّة حتَّى انتشر أمرهم؟ قال: من تضييع الأخبار، قال: فأيّ الأموال وجدوها أنفع؟ قال: الجوهر، قال فعِند مَنْ وجدوا الوفاء؟ قال: عند مواليهم، قال: فأراد المنصور أن يستعين في الأخبار بأهل بيته، ثم قال: أضعُ من أقدارهم، فاستعان بمواليه.

وذكر عليّ بن محمَّد الهاشميّ أنّ أباه محمَّد بن سليمان حدّثه، قال: بلغني أن المنصور أخذ الدّواء في يوم شاتٍ شديد البرد، فأتيته أسأله عن موافقة الدواء

<<  <  ج: ص:  >  >>