للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابها إلَّا ثلاثًا: إفشاء السرّ، والتعرّض للحُرْمة، والقدح في الملك.

وذكر عليّ بن محمَّد أنّ المنصور كان يقول: سرُّك من دمك، فانظر مَنْ تُمَلِّكه.

وذكر الزُّبير بن بكَّار، عن عمر، قال: لما حُمِل عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزديّ إلى المنصور بعد خروجه عليه، قال له: يا أمير المؤمنين، قِتْلة كريمة! قال: تركتها وراءك يا بن اللّخناء!

وذكر عن عمر بن شبّة، أنّ قَحطبة بن غُدانة الجشميّ - وكان من الصّحابة - قال: سمعت أبا جعفر المنصور يخطب بمدينة السَّلام سنة اثنتين وخمسين ومائة، فقال: يا عباد الله، لا تظالموا، فإنَّها مظلمة يوم القيامة، والله لولا يد خاطئة، وظلم ظالم، لمشيت بين أظهركم في أسواقكم؛ ولو علمت مكان مَنْ هو أحقّ بهذا الأمر مني لأتيتُه حتَّى أدفَعه إليه.

وذكر إسحاق الموصليّ، عن النضر بن حديد، قال: حدّثني بعض الصّحابة أنّ المنصور كان يقول: عقوبة الحليم التعريض، وعقوبة السفيه التصريح.

وذكر أحمد بن خالد، قال: حدثني يَحْيَى بن أبي نصر القرشيُّ، أن أبانًا القارئ قرأ عند المنصور: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ .. } (١)، الآية فقال المنصور: ما أحسن ما أدّبنا رَبّنا!

قال: وقال المنصور: مَنْ صنع مثل ما صُنع إليه فقد كافأ، ومن أضعف فقد شكر، ومن شكر كان كريمًا، ومن علم أنَّه إنَّما صنع إلى نفسه لم يستبطئ النَّاس في شكرهم، ولم يستزدهم من مودّتهم، فلا تلتمس من غيرك شكرَ ما آتيته إلى نفسك، ووقَيْت به عرضَك. وأعلم أن طالب الحاجة إليك لم يكرِم وجهه عن وجهك، فأكرم وجهَك عن ردّه.

وذكر عمر بن شبّه أن محمَّد بن عبد الوهاب المهلبيّ، حدّثه، قال: سمعت إسحاق بن عيسى يقول: لم يكن أحدٌ من بني العباس يتكلّم فيبلغ حاجته على


(١) سورة الإسراء: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>