للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل، وأقبل يربّصُ له الأمور وأقبلت السعايات ترِدُ على المهديّ بإسحاق حتَّى قيل له: إن المشرق والمغرب في يد يعقوب وأصحابه؛ وقد كاتبهم؛ وإنَّما يكفيه أن يكتب إليهم فيثوروا في يوم واحدٍ على ميعاد، فيأخذوا الدُّنيا لإسحاق بن الفضل؛ فكان ذلك قد ملأ قلب المهديّ عليه (١).

قال عليّ بن محمَّد النوفليّ: فذكر لي بعض خدم المهديّ أنَّه كان قائمًا على رأسه يومًا يذبّ عنه، إذ دخل يعقوب، فجثا بين يديه، فقال: يا أميرَ المؤمنين، قد عرفت اضطراب أمر مصر، وأمرتني أن ألتمس لها رجلًا يجمع أمرها فلم أزل أرتاد حتَّى أصبت لها رجلًا يصلح لذلك. قال: ومَنْ هو؟ قال: ابن عمّك إسحاق بن الفضل، فرأى يعقوب في وجهه التغيّر، فنهض فخرج، وأتبعه المهديّ طرفه، ثم قال: قتلني الله إن لم أقتلك! ثم رفع رأسه إليّ وقال: اكتم عليّ ويلك! قال: ولم يزل مواليه يحرِّضونه عليه ويُوحشونه منه، حتَّى عزم على إزالة النعمة عنه (٢).

وقال موسى بن إبراهيم المسعوديّ: قال المهديّ: وُصف لي يعقوب بن داود في منامي، فقيل لي أن اتّخذْه وزيرًا. فلما رآه، قال: هذه والله الخلقة التي رأيتُها في منامي، فأتخذه وزيرًا، وحَظِيَ عنده غاية الحظوة، فمكث حينًا حتَّى بنى عيساباذ، فأتاه خادم من خَدَمه - وكان حظيًّا عنده - فقال له: إن أحمد بن إسماعيل بن عليّ، قال لي: قد بنى متنزَّهًا أنفق عليه خمسين ألف ألف من بيت مال المسلمين، فحفظها عن الخادم، ونسي أحمد بن إسماعيل، وتوهّمها على يعقوب بن داود، فبينا يعقوب بين يديه إذْ لببَه، فضرب به الأرض، فقال: مالي ولك يا أمير المؤمنين! قال: ألست القائل: إنِّي أنفقت على متنزَّه لي خمسين ألف ألف! فقال يعقوب: والله ما سمعتْه أذناي، ولا كتبه الكرام الكاتبون؛ فكان هذا أول سبب أمره.

قال: وحدّثني أبي، قال: كان يعقوب بن داود قد عرف عن المهديّ خلعًا واستهتارًا بذكر النساء والجماع، وكان يعقوب بن داود يصف من نفسه في ذلك


(١) انظر تعليقنا [٨/ ١٦٢/ ١].
(٢) في إسناده النوفلي الآنف الذكر وهو يرويه عن مبهم (بعض خدم المهدي) وانظر تعليقنا [٨/ ١٦٢/ ١].

<<  <  ج: ص:  >  >>