حتَّى وليَ المهديّ، فدخل مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفع رأسه فنظر فرأى اسم الوليد، فقال: وإني لأرى اسم الوليد في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم، فدعا بكرسيّ فألقِيَ له في صحن المسجد وقال: ما أنا ببارح حتَّى يُمحى ويكتَب اسمي مكانَه. وأمر أن يحضر العُمَّال والسلاليم وما يحتاج إليه، فلم يبرح حتَّى غيِّر وكتب اسمه.
وذكر أحمد بن الهيثم القُرَشيّ: قال: حدّثنا عبد الله بن محمَّد بن عطاء، قال: خرج المهديّ بعد هَدْأةٍ من الليل يطوف بالبيت، فسمع أعرابيّة من جانب المسجد وهي تقول: قومي مقْتِرون، نبتْ عنهم العيون، وفدحتهم الديون، وعضّتهم السِّنون، بادت رجالهم، وذهبت أموالهم، وكثر عيالهم، أبناء سبيل، وأنضاء طريق، وصية الله ووصية الرسول، فهل من آمرٍ لي بخير، كلأه الله في سفره، وخلَفه في أهله! قال: فأمر نُصيرًا الخادم، فدفع إليها خمسمائة درهم.
وذكر عليّ بن محمَّد بن سليمان، قال: سمعتُ أبي يقول: كان أوّل مَن افترش الطبريّ المهديّ، وذلك أنّ أباه كان أمره بالمقام بالرّيّ، فأهْدِيَ إليه الطبريّ من طَبرِستان، فافترشه، وجعل الثلج والخلاف حوله، حتَّى فُتح لهم الخَيْش، فطاب لهم الطبريّ فيه.
وذكر محمَّد بن زياد، قال: قال المفضل: قال لي المهديّ: اجمع لي الأمثال ممّا سمعتَها من البدو، وما صحَّ عندك. قال: فكتبت له الأمثال وحروبَ العرب مما كان فيها، فوصلني وأحسن إليّ.
قال عليّ بن محمَّد: كان رجل من ولد عبد الرحمن بن سَمُرَة أراد الوثوب بالشأم، فحمِل إلى المهديّ فخلى سبيله وأكرمه، وقرّب مجلسه. فقال له يومًا: أنشِدْني قصيدة زُهير التي هي على الراء، وهي:
* لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ *
فأنشده، فقال السَّمُرِيّ: ذهب والله من يقال فيه مثل هذا الشعر، فغضب المهديّ واستجهله، ونحّاه ولم يعاقبه، واستحمقه النَّاس.
وذكر أنّ أبا عون عبد الملك بن يزيد مرِض، فعاده المهدّي، فإذا منزل رثّ وبناء سوء، وإذا طاق صُفّته التي هو فيها لَبِن. قال: وإذا مضربة ناعمة في