بشار بن برد بن يَرْجُوخ هجا صالح بن داود بن طهمان - أخا يعقوب بن داود - حين وُلِّي البصرة، فقال:
هُمُ حَمَلوا فوقَ المنابر صالحًا ... أَخاكَ فَضَجَّت مِن أَخيك المنابرُ
فبلغ يعقوب بن داود هجاؤه، فدخل على المهديّ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنّ هذا الأعمى المشرِك قد هجا أمير المؤمنين، قال: ويلك! وما قال؟ قال: يعفيني أمير المؤمنين من إنشاده ذلك، قال: فأبى عليه إلا أن ينشده، فأنشده:
خليفةٌ يَزْني بِعَمّاتِهِ ... يَلعَبُ بالدَّبُّوق والصَّولجَانْ
أَبْدَلَنا اللهُ به غيرَه ... وَدَسَّ موسى في حِرِ الخيزُرانْ
قال: فوجّه في حمله، فخاف يعقوب بن داود أن يقدم على المهديّ، فيمتدحه فيعفو عنه، فوجّه إليه من يلقيه في البَطيِحةِ في الخرّارة.
وذكر عبد الله بن عمر. حدّثني جدّي أبو الحيّ العبسيّ، قال: لما دخل مَرْوان بن أبي حفصة على المهديّ، فأنشده شعره الذي يقول فيه:
أَنَّى يكونُ وليس ذاك بكائنٍ ... لِبَني البناتِ وراثَةُ الأَعمامِ
فأجازه بسبعين ألف درهم، فقال مروان:
بسبعين أَلفًا راشَني من حِبَائِهِ ... وما نالها في الناس من شاعر قبلي
وذكر أحمد بن سليمان، قال: أخبرني أبو عدنان السُّلميّ، قال: قال المهديّ، لعُمارة بن حمزة: من أرقّ الناس شعرًا؟ قال: والبة بن الحُباب الأسديّ: وهو الذي يقول:
ولها وَلا ذَنبٌ لها ... حُبٌّ كأطْرافِ الرِّماحِ
في القلب يَقدَحُ والحشا ... فالقلبُ مجروحُ النَّواحي
قال: صدقت والله، قال: فما يمنعك من منادمته يا أمير المؤمنين، وهو عربيٌّ شريف شاعر ظريف؟ قال: يمنعني والله من منادمته قوله:
قلتُ لساقينا على خَلْوةٍ ... أدْنِ كذا رأسَكَ مِنْ راسي
وَنمْ على وجهك لي ساعةً ... إني امرؤٌ أَنكِحُ جُلَّاسي
أفتريد أن يكون جُلّاسه على هذه الشريطة!