معه، وجاء العمريّ ووزير ابن إسحاق الأزرق ومحمد بن واقد الشرويّ، ومعهم ناس كثير، فيهم الحسين بن جعفر بن الحسين بن الحسين على حِمار، واقتحم خالد البربري الرّحبة، وقد ظاهر بين درعين، وبيده السيف وعمود في منطقته، مصلِتًا سيفه، وهو يصيح بحسين: أنا كسكاس، قتلني الله إن لم أقتلك! وحمل عليهم حتى دنا منهم، فقام إليه ابنا عبد الله بن حسن: يحيى وإدريس، فضربه يحيى على أنف البيْضة فقطعها وقطع أنفه، وشرقت عيناه بالدّم فلم يبصر، فبرك يذبِّب عِن نفسه بسيفه وهو لا يبصر، واستدار له إدريس من خلفه فضربه وصرَعه، وعَلواه بأسيافهما حتى قتلَاه، وشدّ أصحابهما على درعيْه فخلعوهما عنه، وانتزعوا سيفه وعموده، فجاءوا به. ثم أمروا به فجُرّ إلى البلاط، وحملوا على أصحابه فانهزموا. قال عبد الله بن محمد: هذا كله بعيني.
وذكر عبد الله بن محمد أن خالدًا ضَرب يحيى بن عبد الله، فقطع البُرْنس، ووصلت ضربته إلى يد يحيى فأثّرت فيها، وضربه يحيى على وجهه، واستدار رجل أعور من أهل الجزيرة فأتاه من خَلْفه، فضربه على رِجْليه، واعتورُوه بأسيافهم فقتلوه.
قال عبد الله بن محمد: ودخل عليهم المسوّدة المسجد حين دخل الحسين بن جعفر على حماره، وشدَّت المبيّضة فأخرجوهم، وصاح بهم الحسين: ارفقوا بالشيخ - يعني الحسين بن جعفر - وانتُهب بيت المال، فأصيب فيه بضعة عشر ألف دينار، فضلت من العطاء - وقيل: إن ذلك كان سبعين ألف دينار كان بعث بها عبد الله بن مالك، يفرض بها من خُزاعة - قال: وتفرّق الناس، وأغلق أهل المدينة عليهم أبوابَهم، فلما كان من الغد اجتمعوا واجتمعت شيعة ولد العباس، فقاتلوهم بالبلاط فيما بين رحبة دار الفضل والزّوراء، وجعل المسوّدة يحملون على المبيّضة حتى يبلغوا بهم رحبة دار الفضل، وتحمل المبيّضة عليهم حتى يُبلَغ بهم الزَّوراء. وفشت الجراحات بين الفريقين جميعًا، فاقتتلوا إلى الظهر، ثم افترقوا، فلما كان في آخر النهار من اليوم الثاني يوم الأحَد، جاء الخبر بأن مباركًا التركيّ ينزل بئر المطَّلب، فنشط الناس، فخرجوا إليه فكلّموه أن يجيء، فجاء من الغد حتى أتى الثّنيَة، واجتمع إليه شيعة بني العبس ومن أراد القتال، فاقتتلوا بالبلاط أشدّ قتال إلى انتصاف النهار، ثم تفرّقوا. وجاء هؤلاء